خيرية البشلاوي تكتب عن: «أفلام الهاكرز».. قراصنة العالم الافتراضي وجرائمهم السرية
ـ خيرية البشلاوي
أفلام القراصنة الجدد.. قراصنة خارج البحار يسبحون في الفضاء الافتراضي.. يهاجمون أجهزة المخابرات.. يسطون علي حسابات البنوك.. يحدثون فوضي داخل الأسواق المالية.. يمولون الإرهاب الدولي.. يبتزون رجال المال يخترقون أسرار الشخصيات النافذة.. إنهم قراصنة الكمبيوتر ومن يطلقون عليهم الـ «هاكرز»
و«الهاكرز» أنواع منها الأبيض والأسود وما بين الاثنين! ومنذ التسعينيات من القرن الماضي أصبحوا أبطالاً للشاشة مثل رجال المافيا وخصوصا النوع «الأسود» وجرائمهم أكثر إثارة وتشويقا للأجيال الشابة الذين أصبح جهاز الحاسوب جزءا لا يتجزأ من حياتهم. ومن عالمهم الإفتراضي والواقعي وأحيانا يصبح الأول اكثر حضورا وإمتاعا وإستهلاكا للوقت.. والهاكرز يمتلكون أسرار هذا العالم الذي أصبح كباره من الشباب يمتلكون خبرة ومهارات واسعة في علوم الكمبيوتر والبرمجة والبارعين منهم أدوات لايمكن الاستغناء عنهم. وقد أصبحت نوعية أفلام الهاكرز منتشرة جدا وتحقق أعلي الإيرادات وأصبح الطامحون من الأجيال الصغيرة يتطلعون الي إكتساب هذه الخبرة نظريا وعمليا.
وعشاق السينما هنا يتذكرون جيدا فيلم «ماتريكس» 1999 الذي اكتسح نجاحه جمهور أمريكا والغرب ومعظم البلدان التي عرض فيها وأفلام «الهاكرز» تبث عبر الكابلات والقنوات الخاصة ولها جمهور واسع لأنها تعتمد علي نفس خصائص أفلام الجريمة المنظمة مثل الإثارة والتشويق ويتضاعف تأثيرها بسبب انتشار العاب الكمبيوتر واختراق هذا الجهاز لحياة النسبة الأكبر من الأجيال الصغيرة وخطورته تتزايد لأنه يصور حكايات غير عادية غريبة ومسلية جدا وخارج حدود المنطق بل تتجاوز حدود المدارك العادية وقد صممها صناعها خصيصا للترفيه والتسلية. ونسبة منها تفتقر للدقة التقنية الا أن بعضها يراعي الأصول العلمية في مناهج البرمجيات ويوفر خبرة للشباب تجعلهم يشعرون بالتفوق.. وعلي الرغم من أن معظم الحكايات التي تعالجها أفلام الهاكرز منافية للعقل وغارقة في الخيال الا أن بعضها يظل في الذاكرة علي نحو ما. وأحيانا يصبح ملهما لصناع السينما وللمؤلفين الشباب الذين يسطون بدورهم علي الأفكار والحبكات التي تقوم عليها هذه الأفلام وقد صارت متاحة بالعشرات عبر وسائط الاتصال الرقمية التي باتت في متناول اليد مقابل اشتراك مادي في مقدور الكثيرين.
السطو علي البنوك
ومعظم أفلام الهاكرز تدور حول جرائم السطو علي حسابات البنوك. وعبر الواقع الافتراضي أو الواقع الفعلي. وإن ظل الواقع الافتراضي هو البديل المحبب «للهاكرز» وبعض الأعمال السينمائية من هذه النوعية تتضمن إسقاطات علي الواقع الاجتماعي وتعليقات قوية علي الواقع السياسي مع رسائل تبث عبر الفصائل المعارضة أو بهدف خلق تيار يسهل تجنيده لشبكات الجريمة والإرهاب.
وبعض الأفلام حققت شهرة وجري تقليدها هنا من قبل الاجيال الجديدة ولعل آخرها فيلم «القرد بيتكلم» الذي يعتبر النوع المضروب أو التايواني من هذه النوعية.
أشهر أفلام الهاكرز
من أشهر الأفلام التي ظهرت عام 2016 فيلم «هاكر» Hacker و«الشفرة».. ومن أكثر ما قرأته تعبيرا عن تأثير هذا النوع ما كتبه أحد المعلقين علي فيلم «هاكر» الذي يصور حياة مهاجر أوكراني صغير تواجه أسرته صعوبة ومعاناة مالية ضاغطة فيتحول الي مجرم.. بمعني قرصان علي «الشبكة السوداء» “blanket.
يقول: بعد مشاهدتي لفيلم «هاكر» لم تبق حياتي هي نفسها.. تعلمت الكثير تعلمت أن مستقبلك وقسمتك ونصيبك لا يمكن التنبؤ بها وانك لا تعرف أي الطريق سوف تسلك. والشعور الذي تملكني عندما شاهدت الفيلم جعلني أوقن أن حياتي هي ملكي وحدي. ومن الممكن أن أغيرها بسهولة أو بصعوبة. المهم أن احدا لن يغيرها لي ويضيف: وربما أدركت أن الطريق الذي تقطعه سوف يكشف لك حقيقة نفسك. وأن الغواية موجودة اينما ذهبت وانها ليست بالضرورة إثما لو أحسنت استغلالها.. فالغواية والرغبة في إقتناء الاشياء المادية أو الانتقام من شخص ما تجعلك أعمي البصيرة أحيانا فتقع في الخطأ.
تغيير الماضي مستحيل
وتعلمت أيضا بأننا لايمكن أن نغير الماضي فهذا شيء مستحيل ولكننا يمكننا أن نبدأ حياة جديدة ونستطيع القول ان الفيلم رائع والممثلين رائعون.
ومن الأعمال التي مارست تأثيرا كبيرا علي المشاهدين مسلسل أمريكي اصبح يتصدر قائمة أفلام «قراصنة الكمبيوتر» رغم كونه مسلسلا تليفزيونيا.. اسمه «مستر روبوت» Mr. Robot هذا النجاح الكاسح يعود الي عدة أسباب أهمها براعة القصة والاجواء الجذابة الخاصة التي تثيرها بالاضافة إلي اللغة البصرية المدهشة والموسيقي التصويرية الرائعة والاسلوب البارع لعمل الكاميرا وكلها عناصر جديرة بأن تأسر المشاهد وتجعل العمل جاذبا للمقلدين من صناع الترفيه.
مبتكرات تكنولوجية
لقد وجد المستخدمون لاجهزة الكمبيوتر من الشباب الماهر في هذا المجال دقة تقنية لافتة وإحالة باشارات لكثير من المبتكرات التكنولوجية التي صاحبت الأجيال الجديدة من ماركات التليفونات شديدة الذكاء والامكانيات غير المحدودة التي توفرها الاجهزة الحديثة.
ولكن تظل القصة الأكثر إمتاعا في حد ذاتها وبطلها «اليوت» وهو مهندس للكمبيوتر يلعب دوره ببراعة وبغلظة وقسوة متناهية عنذ إنزال العقاب علي المعادين للانسانية وبالذات المغتصبين والمعتدين جنسيا علي الأطفال بينما هو نفسه يعاني من الاضطراب المرضي الاجتماعي ومن ادمان المخدرات ولعب الدور ببراعة ممثل من أصل مصري هو رامي مالك العمل ملئ بالتآمر والبارانويا والمخدرات والجنس والعنف والكثير من عمليات القرصنة ولكن يظل أسلوب الحي القصصي العنصر الفاعل في تحقيق درجة كبيرة من جاذبية المسلسل وتكريس عناصر الاثارة والتشويق والفضول وبالذات عنصر الحوار الذي كتبه سام اسماعيل فهو نموذج للحوار الشيق في الأعمال الجماهيرية الحديثة بالاضافة الي صوت الراوي الذي يأتي من خارج الصورة ويثير ايحاءات شبيهة بتلك التي تميز بها فيلم «نادي القتال» fight club.
بعض النقاد أشار إلي هذا العنصر لدرجة أنه كان يعيد عرض بعض المشاهد لينصت ثانية الي الحوار المكتوب اثناء مشاهدته علي شاشة الكمبيوتر وبرغم الايقاع المتمهل يظل العمل آسرا.
ولهذه النوعية من الأفلام شبكات توزيع ممتدة عبر كوكب الأرض ومن خلال «فورمات» متنوعة تناسب أجهزة العرض المختلفة وأكثرها رواجا «الفتاة بوشم التنين» 2009 و«ماتريكس» بمعني «من لايمكن تتبعهم» و«بلاك هات».