السينما الصينية ضيفة «تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط»
تطوان ـ «سينماتوغراف»
تحل السينما الصينية ضيفة على الدورة 23 من مهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط. وتقام هذه الاحتفالية بالسينما الصينية بشراكة مع مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، الذي تربطه علاقات شراكة مع الجمهورية الصينية، واتفاقيات ثنائية، تقضي بتنفيذ عدد من المشاريع في جهة الشمال، وهي تهم استثمارات واعدة في المجالات الاقتصادية واللوجستيكية ومجالات البحث العلمي، دخلت حيز التنفيذ خلال الأشهر الماضية.
وتعد برنامج “السينما الصينية: ضيفة المتوسط”، من أهم البرامج المتنوعة والغنية التي تسلط عليها الضوء الدورة المقبلة من المهرجان، الذي يقام في الفترة من 25 مارس وإلى أول من أبريل 2017.
وأعلنت إدارة المهرجان أن هذا البرنامج سوف يكون “مناسبة لكي يتعرف عشاق السينما وأصدقاء المهرجان وضيوفه إلى بعض روائع هذه السينما، بأجناسها المختلفة.”. كما ذكرت إدارة المهرجان، في ورقة خاصة عن السينما الصينية، أن هذه السينما، ومنذ انطلاقاتها نهاية القرن 19، ظلت “تواصل تطورها وتحظى بالإعجاب والمتابعة في مختلف بقاع العالم”. وتوقفت الورقة عند الجيل الأول من السينمائيين الصينيين، إلى حدود سنة 1932، الذي شهد إخراج فيلم “جبل دنجون”، وهي السنة التي شهدت قصف الجيش الياباني لمدينة شنغاي، وما خلفه ذلك من تدمير لكل التجهيزات السينمائية. إنه جيل زانغشيشوان ولين مينويوزينغزنغكو، وغيرهمام ن الرواد.
وتعد ثلاثينيات القرن الماضي مرحلة الإبداع والتميز في السينما الصينية، بظهور جيل ثان من السينمائيين يضم فنانين شبابا ومثقفين من قبيل الكاتب والمخرج سونيو الذي درس في الولايات المتحدة الأمريكية وكاتب السيناريو كسيا يان، الذي تلقى تكوينه في اليابان. وكانت أهم المواضيع التي عالجتها السينما الصينية على يد هذا الجيل تتمثل في قضايا حقوق المرأة والفوارق الاجتماعية والاعتزاز بالانتماء القومي. ويبقى فيلم “ملائكة الشارع”، الذي أخرجه ماهوتيانشي 1937 شاهدا على هذه المرحلة، وهو يتناول قضايا الحب والحياة والظلم الاجتماعي في الأحياء الهامشية بمدينة شنغاي.
وقد مثل إنشاء الجمهورية الشعبية الصينية سنة 1949 منعطفا جديدا بالنسبة إلى السينما الصينية، حيث ظهرت إلى الوجود سينما ذات توجه شعبي، منذ منتصف القرن الماضي، وهي سينما تخاطب سكان المناطق الشاسعة النائية الذين لم يسبق لهم أن شاهدوا فيلما واحدا في حياتهم. وقد سعت أفلام المرحلة إلى نشر الوعي الإيديولوجي والنهوض بحركات وحملات إعلامية وطنية.
وقد تم إنتاج حوالي 600 فيلم مابين سنتي 1949 و1966، سنة انطلاق الثورة الثقافية. وكانت المرحلة ما بين 1966 و1976، التي شهدت الثورة الثقافية، أحلك مراحل السينما الصينية، حيث لم يتم إنتاج أي فيلم صيني، ما عدا بعض الأوبرات الثورية وبعض الأفلام الطويلة. وأُشرعَت الأبواب أمام أفلام أجنبية من بلدان ألبانيا وكوريا الشمالية والاتحاد السوفياتي وفرنسا وهي أفلام أثرت كثيرا في ذوق الجمهور الصيني ورؤيته للسينما.
كما توقفت ورقة المهرجان عند الأجيال الجديدة للسينما الصينية، منذ احتضنت العاصمة الصينية بكين سنة 1984 تلك الندوة الدولية الشهيرة حول السينما. وتبعا لتوصيات تلك الندوة، فقد تم الترخيص للاستوديوهات لتوزيع إنتاجاتها دون المرور عبر مؤسسات الدولة. وساد شعار “الجودة أولا قبل الرقابة والتشدد السياسي”. وهكذا برز على الساحة الدولية سينمائيون جدد، حيث اختار بعض المخرجين المرموقين إنتاج أفلام تركز على الذات الفردية، ويسود فيها الطابع الرومانسي والنزوع الطبيعي. وقد حصلت أفلام الموجة الجديدة على جوائز في مهرجانات دولية هامة، ورشح بعضها للأوسكار، ونال جلها نجاحا تجاريا باهرا. كما انتعش الإنتاج المشترك مع هونغ كونغ وتايوان وبلدان أخرى، ما أدى إلى نشوء المراكز السينمائية الثلاثة للصين ما بعد الحرب. وانطلاقا من هذه الفترة، ستعرف السينما الصينية أوج ازدهارها مع ظهور أبرز أجيالها ما بعد سنة 1989. وضمن هذا الجيل، نجد لي يانغ المولود، صاحب “البئر الداخلية”، الذي أخرجه سنة 2003، ووانغ شاو مخرج “فانتازيا” سنة 2014، ولو يي، صاحب “ليالي السُّكْر الربيعي” سنة 2009، و”اللغز” سنة 2012، ووانغ بينغ، مخرج فيلم “غرب السكة الحديدية” سنة 2002، و”الأخوات الثلاث ليونان”، سنة 2012، والمخرجة لي يو، التي تمثل جيل الشباب، وهي صاحبة فيلم “جبل بوذا” الذي أخرج سنة 2015. وفي تلك السنة، أخرج بي غان فيلم “كايلي بلوز”، الذي حصل على جائزة أحسن مخرج صاعد، وعلى تنويه خاص من لجنة تحكيم مهرجان لوكارنو وعلى الجائزة الأولى في مهرجان القارات الثلاث لمدينة نانت.
وستشهد الدورة المقبلة من مهرجان تطوان عرض مجموعة من الأفلام، التي تمثل مختلف أجيال السينما الصينية، ومختلف أشكال الإبداع السينمائي في الجمهورية الصينية.