ينافس على السعفة: «قمر المشتري».. اللاجئون ملائكة والواقع كارثي
كان ـ عبد الستار ناجي
يحضر موضوع اللاجئين بقوة ضمن عروض الدورة السبعين لمهرجان كان السينمائي وهو بلا أدنى شك حضور لم تخلقه الصدفة بل محصلة حتمية لموقف صريح من صناع السينما العالمية ومن بينهم المخرج المخرج المجري كورنيل موندروتسو بفيلمه الجديد (قمر المشتري أو قمر جوبيتر) الذي يشارك في المسابقة الرسمية.
ونشير هنا إلى أن كورنيل كان قد فاز في عام 2014 بجائزة تظاهرة نظرة ما عن فيلم (وايت غاد). وفي مسيرته ستة أفلام رسخته مبدعا وسينمائيا من الطراز الأول.
في فيلمه الجديد يشتغل كورنيل موندروتسو على موضوع اللجوء و اللاجئين ولكن بصيغة تختلف شكلا ومضمونا عما هو سائد وتقليدي ومستعاد. تبدأ أحداث الفيلم بإشارات علمية تقول بأن العلماء اكتشفوا وجود كمية من الثلوج في أحد أاقمار المشتري وتحت تلك الثلوج كميات كبيرة من المياه تؤكد وجود الحياة وقد اأطلق العلماء على هذا القمر اسم أوروبا، ولهذا فإن الأحداث تجري كما هو متخيل في ذلك القمر مع الإسقاط على المعاصرة والراهن حيث نتابع حكاية أب مع ابنه من سورية في محاولات اجتياز الحدود المجرية من أجل الوصول إلى أوروبا حيث يفترقان وخلال الرحلة تتعرض القافلة إلى إطلاق رصاص من رجال الشرطة المجرية، لتبدأ عملية مطاردة يتعرض خلالها عدد من اللاجئين إلى الرصاص من بينهم ريان الذي يصاب بثلاث رصاصات من أحد الضباط المجريين ورغم ان الرصاصات أصابت ريان بشكل قاتل إلا أنه يعيش بل ويتحول إلى ملاك يستطيع الطيران.
يتم نقل ريان إلى المستشفى وحينما يفحصه أحد الاطباء يكتشف بأن هذا اللاجئ المسكين قد تحول إلى انسان ملاك يمتلك قوة خارقة حيث لا يموت ويواجه المصاعب ويعمل على امتلاك بركات تشفي الآخرين. ويعمل هذا الطبيب الذي يعيش على علاج الاثرياء والعاهرات وتجميع الأموال ومنحها إلى صديقته الدكتورة من أجل كسب رضاها. يعمل هذا الدكتور على مرافقة ريان من أجل الثراء من البركات التي يمتلكها ومن بينها الطيران وتقديم المعجزات. ولكن الضابط السيئ الأخلاق الذي كان قد اغتال ريان يعثر على فيديو كان قد صوره الدكتور لريان وهو يطير كما أن الرصاصات لم تقتله ويحاول العثور على الدكتور وريان من اجل اغتياله من جديد.
هذا هو المحور الروائي للفيلم الذي يأخذنا إلى صور غير نمطية عن معاناة اللاجئين وحكاياتهم وأيضا تعرية الشرطة المجرية والممارسات السلبية لهم وكذلك الأطباء والمصالح التي تحركهم. والظروف السيئة التي تحيط باللاجئين عند مرورهم بالأراضي المجرية سواء في قمر جوبيتر أو على الأرض المجرية في أوروبا الحقيقية.
رحلة من الألم تعري الجميع وتعبر عن واقع كارثي حال عشرات الآلاف من اللاجئين الذين اضطرتهم الظروف للهجرة. وصولا إلى مطاردة يقودها الضابط الشرير لملاحقة الطبيب وريان وصولا إلى المشهد الاخير حيث يكتشف الضابط بأن ريان ملاك لا يجب أن يقتل ليتركه يطير في الفضاء.. وهنا دعوة صريحة لترك اللاجئين يعبرون الأراضي المجرية وصولا إلى حلمهم بالحياة في أوروبا.
فيلم شديد القسوة ليس على المجر أو المجريين بل على أوروبا في ظل بعض الممارسات السلبية من هذا الطرف أو ذاك لتجارة قضايا اللآجئين. وحينما تأتي النهاية فإننا نشاهد ريان وهو يحلق عاليا فوق المجر بحثا عن حياة جديدة وأمل جديد بينما تغرق المجر بالفساد على جميع الإتجاهات والشرائح، فيلم يقول الكثير ومن هنا يستمد قيمته وأهميته.