«شكل الماء».. علاقة غرائبية بين كائن غامض وعاملة نظافة
«سينماتوغراف» ـ إبراهيم الملا
يمكن وصف فيلم «شكل الماء» للمخرج والكاتب غيليرمو ديل تورو الذي عرض في مهرجان دبي السينمائي، بأنه فيلم رؤيوي بامتياز، فهو رغم تناوله لزمن الستينيات إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأميركية وبين الاتحاد السوفييتي، إلا أنه يعمل في حقل مليء بالرموز الدالة على الفوضى التي يمر بها عالمنا اليوم، فوضى قوامها الحروب التجسسية الخفية، وتهميش الأقليات، واعتماد القسوة والترهيب، ومطاردة هوس السيطرة بغض النظر عن معاناة الضعفاء والأبرياء المحطمين تحت وطأة الوسائل العنيفة المترجمة لهذه السيطرة.
تدور أحداث الفيلم في مختبر حكومي سري بالولايات المتحدة، حيث يعثر أحد المكتشفين العاملين بالمكان في نهر الأمازون بالبرازيل على كائن مائي غريب يتمتع بقدرات خاصة، يسعى العلماء والمشتغلون في المختبر على اكتشافها، واستثمارها في البحوث والاختراعات العسكرية، تتعاطف إحدى عاملات التنظيف مع هذا الكائن المقيّد في حوض مائي كبير، وتتعامل معه بلغة الإشارة لأنها بكماء وتعيش في عزلة مكثفة، وبالتالي تجد هذه العلاقة الغرائبية ما يشفع لها من تلاقي الأرواح بين كائنين محاصرين بالوحدة ويعملان في ذات الوقت على الخروج من سجنهما القاسي والسميك ببعديه المادي والمعنوي.
وعندما تكتشف العاملة قرار القيادة العسكرية العليا بضرورة قتل الكائن وتشريحه لمعرفة مكامن القوة التي يمتلكها، تشرع في تنفيذ خطة لتهريبه بمساعدة زميلتها في العمل، بجانب مساعدة عالم متخصص يشرف على الوضع البيولوجي للكائن، ونكتشف في سياق الفيلم أنه جاسوس يعمل لحساب المخابرات الروسية، ولكنه يتعاطف مع العاملة البكماء ويسعى في ذات الوقت لإنهاء معاناة الكائن الغامض وإرجاعه إلى بيئته الطبيعية في النهر، وبعد سلسلة من المطاردات العنيفة والتصفيات الدموية والإثارة المشهدية التي يقدمها المخرج في إطار من الميتافوريا المروّضة والمعتنى بها بصرياً في الفيلم، تنجح العاملة في مهمتها رغم الرصاصة القاتلة التي تصيبها في المشهد الختامي الذي ينتهي على صورة حالمة تجمع بين الكائن الطليق في الأعماق وبين عشيقته البشرية بعد أن يعيد إليها الحياة، في إشارة مرصودة تجسد العبارة الواردة في أحد حوارات الفيلم، يقول فيه: «ما الزمن، إلاّ نهر ينبع من ماضينا».