كان السينمائي 71: «الحدود» للإيراني علي عباسي مشبع بالهم الإنساني
كان ـ «سينماتوغراف»: عبدالستار ناجي
فيلم لمخرج إيراني في هذا المهرجان أو ذاك يعني فيلماً مثيراً للجدل. ولهذا ازدحمت قاعة “كلود ديبوسي” في قصر المهرجانات لمتابعة عرض فيلم “الحدود” للمخرج الإيراني علي عباسي. ولكن المفاجأة أن علي عباسي لا يذهب إلى إيران أو القضايا التى درجت السينما الإيرانية على تقديمها والتعاطي معها. فهو بعد انتقاله للإقامة في الدانمارك بدأ يعمل على موضوعات ذات بعد إنساني بعيد جداً.
وإذا كان الفيلم المصري “يوم الدين” قد تعرض فى اليوم الثانى لمهرجان كان لموضوع مرضى الجذام وقضاياهم ومشاكلهم. فإن الإيراني علي عباسي يذهب في اليوم الثالث إلى موضوع الشخصيات التي تولد مشوهة والتي يتطلب تقديمها الكثير من العمل والجهد الإنساني.
الفيلم الدانماركي وليس الإيراني “الحدود” يأخذنا إلى حكاية “تانيا” الضابطة في جمارك المطار والتي خلقت مشوهة نتيجة علاقة عابرة بين والدها وامرأة لم يلتقي بها الا بعد أن أنجبت له تانيا التي كبرت وهي تتمتع بقوة خاصة مثل حاسة الشم العالية مما يؤمن لها العمل في الجمارك للقبض على الكثير من المجرمين الذين يحملون المخدرات على وجه الخصوص.
تبدأ بالبحث عن أسباب ولادتها بهذه الطريقة وتذهب إلى والدها في دار العجزة الذى أخبرها عن حيثيات العلاقة التى أقامها مع امرأة أنجبت له تانيا وبدورها تبحث تانيا عن من يشبهها في الظروف والطبيعة وتعثر على الكثيرين وتنشأ علاقة بين أحدهم وهو “فورا” مقرونة بالإعجاب والحب وتتطور تلك العلاقة إلى الحب الحقيقي وتكوين أسرة. في رحلة إنسانية مفعمة بالتفاصيل الإنسانية العالية المستوى والتى تدافع عن حق الإنسان مهما كان شكله أو خلقته بالحياة السوية السليمة.
حكاية إنسانية يمكن أن نراها ونعيشها في أى مكان. واستطاع على عباسي أن يذهب إلى تلك الشخصية والموضوع بل إن ذات الشخصيات هي التي جسدت أحداث الفيلم أمام كاميرته التي أدار تصويرها مدير التصوير نديم كارلسون فيما مثل الشخصيات كل من ايفا ملاندر بدور الضابطة “ايفا” وايرك ملونوف بدور” فيرا “.
ونشير هنا إلى أن المخرج علي عباسي قد حقق فيلمه السابق “شيللي” 2016 وحصد كثيراً من الاهتمام. وهو هنا للتعبير عن هويته الإنسانية الدانماركية وليس عن قضايا مجتمعه الإيراني الذي ولد وترعرع فيه.
فى “حدود” يأخذنا على عباسى بعيداً إلى منطقة مشبعة بالهم الإنساني عن حكاية امرأة مشوهة خلقياً، ولكنها ترى أن الحياة تستحق أن نعيشها ونتمتع بها مع من نحب وهكذا تتجاوز كل التشوه من أجل الحياة والحب الحقيقي.