الصحة النفسية للممثلين في جلسة على هامش فعاليات «الجونة السينمائي»
الجونة ــ «سينماتوغراف»
فى إطار فعاليات اليوم الخامس من مهرجان الجونة السينمائى عقدت اليوم جلسة بعنوان “تنفس – تحدث – مثِل.. حديث عن الصحة النفسية للممثلين”، شارك فيها محمد فراج وأحمد مالك ومى الغيطى.
وناقشت محاور الجلسة المشاكل الصحة النفسية للممثلين، وهى قضية منتشرة فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى الصعيد الدولى يرجع الضعف النفسى للممثلين إلى عدة أسباب مثل الرفض وخيبة الأمل فى تأمين الأدوار، وفشل الاختبارات، والاستجابة السلبية من الجمهور أو النقاد لعملهم، والحاجة إلى تجسيد الدور الذى يلعبونه ليكون أصيلًا وقابلًا للتصديق كممثل.
أدار الجلسة أنس بوخش، رائد الأعمال الإماراتى ومُقدم برنامج AB talks، بجانب وجود كل من الفنان أحمد مالك والكاتبة مريم نعوم، الفنانة مى الغيطى، الفنان محمد فراج ودكتور نبيل القط، المتخصص فى مجال الطب النفسى وإدارة المرضى وتدريب الزملاء والطلاب، بجانب كونه عضو مجلس إدارة فى جمعية الطب النفسى التطورى، والجمعية الأمريكية للعلاج النفسى الجماعى.
تحدثت الكاتبة مريم نعوم عن دور مواقع التواصل الاجتماعى قائلة “أحيانا تُقوم بعض الفئات من الجمهور بإسقاط حياتها على بعض الفنانين والممثلين والإسقاط هنا بيكون نابع من وجود مشكلة نفسية لدى هذه الفئة نتيجة عدم مواجهة الذات بالضعف المتسبب بهذا الإسقاط، وبالتالى بيتم انعكاسه من خلال تعليقات خارجة أو فى غير محلها عبر مواقع التواصل الاجتماعى“.
وأضافت “الفنان الموهوب بتكون شخصيته أكثر تعقيدا، لذلك أدعو بعض المخرجين لتغيير تقنية الضغط على الممثلين بالأخص الضغط النفسى الذى أحيانا يتم فرضه بهدف اخراج الابداع من الممثل ولكنه يترك أثر عكسي بعد انتهاء العمل. وبناءا عليه، ادعو العاملين في صناعة السينما المطالبة بوجود أخصائى نفسى بمواقع التصوير للتأكد من تحقيق التوازن النفسى المطلوب لفريق العمل ما سينعكس إنتاجية الأفراد وإبداعهم“.
ومن جانبه أكد الفنان أحمد مالك على أهمية وجود التوزان النفسى بين حياة الفنان العملية والشخصية، قائلاً “عندما أكون شغوف بعمل ما، أعانى من حالة اكتئاب نتيجة إنى وهبت نفسى ووقتى ومجهودى لهذا لعمل أثناء القيام به وبعد الانتهاء منه شعرت بفراغ، أعتقد أن ذلك كان إحساسى بعد الانتهاء من مسلسل “لا تطفئ الشمس”، لم أكن أعرف كيف أتعامل مع شخصيتى“.
وأضاف مالك “كل الأساليب المعاصرة للتمثيل ممزوجة مع العلاج بالدراما وهى أساليب تفتح آفاق الفنان، فالراسم والعازف لديهم أدواتهم لكن الممثل لديه جسده وعضلاته ولكى يصل إلى تناغم يخلق نسيجا بين الفنان والشخصية، يجب استخدام العلاج بالدراما، بالإضافة إلى تحقيق التوازن اليومى من خلال تبنى روتين مثل الرياضة أو قراءة الكتب بعد الانتهاء فى مواقع التصوير بهدف الفصل بين شخصية الممثل الحقيقة والشخصية التى يؤديها فى العمل الفنى“.
وفى سياق آخر تحدثت الفنانة مى الغيطى عن أهمية الصحة العامة للفنانين قائلة “يعانى القائمون على صناعة السينما والأعمال الدرامية من ساعات عمل تتجاوز الـ16 ساعة عمل، بالإضافة إلى عدم وجود تفهم أو تقُبل أن الفنان هو إنسان يمرض ويتعب ويحتاج إلى الراحة والعلاج حتى يقدر على استلهام أركان الشخصية التى يؤديها“.
وأضافت مى الغيطى: “أسوء شىء هو طلب المخرج أو فريق الإخراج من الفنانين أن يأدوا أدوارهم بغض النظر عن آلامهم الجسدية ليس النفسية فقط”,
أما الفنان محمد فراج تحدث عن أهمية وعى الممثل بالمجهود النفسى والذهنى المطلوب للتحضير للشخصية “أعتقد أن وعى الممثل وشغفه بالشخصية التى يؤديها، وبالأخص الشخصية الأكثر تعقيدا، يجب أن يتضمن معرفة أن الممثل مُقدم على حرب نفسية بين شخصيته الحقيقة والشخصية التي يؤديها“.
وأضاف فراج “أول مرة احتجت للكثير من التحضير كان أثناء دورى بمسلسل تحت السيطرة، كان لابد أن أتدرب نفسياً لأعرف كل تفاصيل الشخصية، لذلك يجب أن يكون الممثل صادقاً مع نفسه ومُلما بالمجهود النفسى والذهنى المطلوب منه لأداء الشخصية بالشكل الأمثل”.
وأخيراً، عقب الدكتور نبيل القط على ما ذكره الفنانون الموجودون على المنصة، قائلا “الاكتئاب أحد أكثر المشاكل النفسية التى يعانى منها الممثل، سواء أثناء المشهد وهو يحاول أداء الشخصية بالشكل الأمثل أو بعد الانتهاء من العمل وقبل عرضه، حيث يعاني من قلق شديد نتيجة انتظاره لمعرفة آراء الجمهور والصُناع حول عمله، بالإضافة إلى عدم الأمان المادى نتيجة عدم وجود دخل ثابت”.
وأضاف دكتور نبيل “من درس التمثيل يعلم جيدا أن الممثلين لديهم قدرة أعلى على ضبط النفس وينتمون لفئة من الناس لديهم دور مجتمعى مميز، أدعو الممثلين لرفض تحويل أنفسهم وأجسادهم لخدمة المخرج والمنتج والاستايليست، وطبقا لأحدى الدراسات يمكن للممثل عمل 146 دورا خلال حياته منها 86 دور رئيسى فقط إذا قدر على تنمية الوعى بالذات، أنصح كل الممثلين بالفصل بين الحياة العملية والشخصية من خلال تبنى عادات تُغذى شخصيتهم وتزيد من وعيهم مثل الاحتفاظ بشىء شخصى أثناء التصوير”.
وسلط الدكتور نبيل الضوء على ما يمر به الممثل بعد الانتهاء من عمل ما “يعانى الممثل من الانشقاق وهو أن ينشق جزء من الوعى ليتبنى شخصية ثانية وهو ما نشعر به أحياناً أثناء القيادة ويوجد بعض الحالات التى لديها انشقاق لدرجة التحدث بلغة أخرى، وطبقاً لإحدى الدراسات فإن السيدات هم الأكثر تضرراً فى صناعة السينما نتيجة لاستغلال أجسادهن من قبل البعض مما يخلق العديد من المشاكل النفسية”.