فاتن.. نعمة الدنيا
ناصر عراق يكتب لـ«سينماتوغراف»
برحيل فاتن حمامة قبل سويعات قليلة.. تفقد السينما المصرية أوفى صديقاتها وأكثرهن عشقا وإخلاصا، فالسيدة فاتن عشقت السينما كما لم يعشقها رجل أو امرأة من قبل.. وقد قال عنها المخرج الرائد محمد كريم في مذكراته.. إنها كانت تتمتع بطاقة جبارة على العمل المتواصل لمدة تزيد عن 12 ساعة رغم انها كانت طفلة لم تتجاوز الثامنة عند تصوير فيلم «يوم سعيد» الذي عرض في 15 يناير 1940.
إن عبقرية فاتن تتجلى في قدرتها المذهلة على التنقل سريعا بين الطبقات الاجتماعية المختلفة والمتناقضة.. فمرة تتقمص شخصية فتاة فقيرة، ومرة تلوح لنا سيدة قصر منيف.. ومرة فلاحة معدمة، ومرة محامية، وهكذا لدرجة تجعل المشاهد يقف مشدوها أمام هذه البراعة في فنون التقمص.
بعينيها الواسعتين المسالمتين اللتين يشع منهما بريق الذكاء والنباهة.. وبجبين منبسط يعكس كبرياء وانوثة وأنف دقيق وشفاه مكتنزة قليلا.. وبشرة صافية محببة، استقبلت الجماهير وجه فاتن حمامة بمودة وتقدير.. ﻷنها اختزنت في هذا الوجه المعبر مشاعر المرأة كلها بتنوعها وتناقضاتها وحيويتها.. الأمر الذي يجعل المرء يقف متحيرا .. أي الأفلام أجمل؟ دعاء الكروان أم نهر الحب؟ عائشة ام القلب له احكام؟ لا أنام.. ام الحرام؟
اكثر من 100 فيلم قدمتها فاتن بإخلاص وتجرد.. وكلها أثبتت أنها «تذاكر» جيدا الشخصية التي تلعبها حتى بات اسمها دليل جودة الفيلم بغض النظر عن المخرج او كاتب السيناريو.
برحيل فاتن تنجرح قلوب عشاقها من الرجال والشباب.. إذ أن كل واحد كان يراها معشوقته الأولى عندما طرق الغرام بابه في أول الصبا. وأذكر أنهم سألوا نجيب محفوظ مرة عن رأيه في أم كلثوم فقال بعد لحظة تفكير عميقة «أم كلثوم.. نعمة الدنيا». وأستطيع ان اقول إن فاتن حمامة نعمة الدنيا أيضا.
فليرحمها الله..