«بلفاست» و«ذي تراجيدي أوف ماكبث» و«كامون كامون».. الأسود والأبيض لون هوليوود المفضل
الوكالات ـ «سينماتوغراف»
عادت المشاهد بالأبيض والأسود إلى الشاشة الكبيرة؛ إذ لوحظ اتجاه إلى اعتمادها في مزيد من الأعمال السينمائية، ومنها فيلما «بلفاست» و«ذي تراجيدي أوف ماكبث» اللذان يسعيان إلى الفوز بجوائز الأوسكار مساء الأحد المقبل.
ويعد فيلم «بلفاست» مستوحى من طفولة مخرجه كينيث براناه في إيرلندا الشمالية و«ذي تراجيدي أوف ماكبث»، والذي اقتبسه جويل كوين من المسرحية الشكسبيرية.
لكن أحدث الأفلام قررت الاستغناء عن اللون، توخياً لإضفاء مزيد من الصدقية على الجانب التاريخي للقصة، أو لإبراز طابعها الإنساني والحميم.
وشرح كينيث براناه عن «بلفاست» المستوحى من تجربته مع العنف في إيرلندا الشمالية في أواخر ستينات القرن العشرين أن الألوان تتيح وصف الأشخاص بطريقة رائعة، لكن اعتماد الأبيض والأسود يجعل المشاهد يشعر بهم».
ورُشح الفيلم لسبع فئات من جوائز الأوسكار أبرزها جائزة أفضل فيلم.
ومع أن الألوان تتيح في رأي براناه تقديم «المناظر الطبيعية الخلابة لصحراء أو سلسلة جبلية» بطريقة جذابة، «فإن الوجه البشري يأخذ بالأسود والأبيض بعداً استثنائياً على شاشة عملاقة»، على حد قوله.
ورأى أن استخدام المشاهد غير الملونة «يضفي بعداً شاعرياً على الأشياء التي لولا ذلك قد تبدو مبتذلة بعض الشيء».
أما مدير التصوير في «ذي تراجيدي أوف ماكبث» الفرنسي برونو دولبونل فأوضح أن الهدف من الأسود والأبيض «إضفاء الطابع المسرحي» واللمسة غير الخالدة لهذا الاقتباس من عمل كلاسيكي.
ويؤدي دور ماكبث دينزل واشنطن، الذي يسعى للحصول على جائزة الأوسكار الثانية كأفضل ممثل في مسيرته المهنية الطويلة.
واستمر تصوير الأفلام بالأبيض والأسود بانتظام حتى بعد التحوّل إلى الألوان في خمسينات القرن الفائت، وكانت تلاقي نجاحاً. وساهم في هذا الازدهار خصوصاً تطور التقنيات التي كانت أقل تكلفة من تلك التي جذبت مشاهدي «ساحر أوز» أو «ذهب مع الريح» اللذين أنتجا عام 1939.
وتوج «ذي أرتيست» عام 2012 في حفل توزيع جوائز الأوسكار كأفضل فيلم روائي طويل، ولم يكن فقط بالأسود والأبيض، بل كان فيلماً صامتاً أيضاً.
وفي الآونة الأخيرة، حصل كل من «روما» و«مانك» أيضاً على جوائز هوليوودية عن تصويرهما.
غير أن الاتجاه تعزز هذه السنة؛ إذ يميل مزيد من الأفلام إلى تدرجات الرمادي.
وقال مايك ميلز الذي تولى إخراج فيلم «كامون كامون» (c’mon c’mon) من بطولة جواكين فينيكس مازحاً «لقد اجتمعنا جميعاً… لقد كان اجتماعاً لنقابة المخرجين».
واستغنى فينكس هو الآخر عن الألوان في فيلمه الذي كان هذا الشهر ينافس على جائزة بافتا «السينمائية البريطانية.
وبرر المخرج الخمسيني اختياره بقوله لوكالة فرانس برس «أحب الأسود والأبيض، أشاهد الكثير من الأفلام بالأبيض والأسود، وهي أفلام أبطالي، أليس كذلك؟».
وفي فيلم «باسينغ» من بطولة روث نيغا التي رشحت لمجموعة من الجوائز السينمائية وفازت بجائزة «سبيريت أواردز» للسينما المستقلة، تُستخدم هذه التقنية لتسليط الضوء بشكل أفضل على التمييز العنصري.
ويتناول هذا الفيلم للمخرجة ريبيكا هول قصة امرأة سوداء تعيش في نيويورك في عشرينات القرن الماضي، وتلتقي صديقة طفولتها، التي تتظاهر مثلها بأنها بيضاء اللون بسبب شحوب بشرتها.
وأوضحت المخرجة خلال مهرجان صاندانس، «لم يكن اختيار الأبيض والأسود مجرد أسلوب، لقد شعرت أنه كان خياراً من حيث المفهوم لصنع فيلم عن التمييز على أساس لون البشرة، بحيث يكون مطهراً من الألوان كلها».
وتابعت ريبيكا هول، «ننظر إلى الوجوه ثم نصنفها على الفور ونضعها في فئات.. وينتهي الأمر أن نضفي على الفئات أهمية لكن غالباً ما تكون سخيفة».
ولكن هل لا يعدو الانتشار الحالي لمشاريع الأفلام بالأسود الأبيض كونه محض مصادفة؟
أشار بعض الخبراء إلى اتجاهات مماثلة على «إنستغرام» ووسائل التواصل الاجتماعي، ما قد يفسر سبب استحواذ هذه الأفلام على اهتمام الجمهور بعدما كانت توحي له سابقاً بأنها أفلام قديمة الطراز أو فكرية أو مملة.
وكتبت أليسا ويلكنسون من مجلة «فوكس» الثقافية «نظراً إلى أننا اعتدنا مشاهدة صور خضعت إلى تغيير في ألوانها، كالصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو بالأسود والأبيض، قد تصبح أقل ارتباطاً بالماضي، وبدأنا ننظر إليها فقط كخيار جمالي».
أما مايك ميلز فاعتبر الأسود والأبيض «تجريدياً» لدرجة أنه يؤثر بطريقة «سحرية على المشاهد» تقريباً، مضيفاً، «لم نعد في العالم الحقيقي، لقد انطلقنا في قصة، في الفن».