«سينماتوغراف» ـ هشام لاشين
عبر 50 فيلما تقريبا قدمها الفنان غسان مطر كان يشكل بأدواره المحددة المتشابهة علامة خاصة في الأعمال التي قدمها من خلال شاشة السينما واعتبرها بعض النقاد نوعا كلاسيكيا من أدوار الشر.
كانت بدايته عام 1969، من خلال فيلميه «الفلسطيني الثائر» و«كلنا فدائيون» متناغمة مع أفكار الممثل الفلسطيني الثائر، ولكن قسمات وجهه المنحوت والمشبع بالصرامة والجدية مع صوته الأجش التقريري كان فرصة إستسهلها المخرجون لحصر غسان مطر في نوعية الشرير القاسي أو رجل العصابات الذي لايرمش له جفن وهو يرتكب أبشع أنواع القتل أو التحريض عليه، وكان من أهم هذه الأعمال دوره في فيلم «الأبطال» أمام فريد شوقي وأحمد رمزي، ويبدو ان المخرجين اكتشفوا خفة ظله في هذه النوعية فبدأت تنهال عليه أدوار الشرير خفيف الظل بعدها في عشرات الأعمال خصوصا في مرحلة السبعينات مثل (انا وابنتي والحب، الشياطين في إجازة، نساء الليل، أشرف خاطئة، السلم الخلفي شياطين البحر، الأبرياء، نساء ضائعات).
وبدءا من عام 2001 وعلي مدار العقد الأخير صار غسان مطر نوعا من التميمة لتقديم نفس الشخصية الحادة في قالب كوميدي ولذلك عمل مع معظم الكوميديانات في أفلام من نوعية (55 إسعاف، زكية زكريا في البرلمان، كلم ماما، عوكل،عيال حبيبة، العيال هربت، لخمة راس، أحلام الفتى الطايش، شبـه مـنحرف، علقة موت، أمير البحار، لا تراجع ولا استسلام، الآنسة مامي ، عش البلبل).
ورغم خفة ظله في أدوار الشر التي قدمها فقد كان للنكبة التي حلت بالشعب الفلسطيني عام 1948 تاثيرا داخليا انعكس في نبرة حزينة كانت تطل من بين ادواره مختلطة بأداء ثوري مسرحي أحيانا، فقد هاجر مع أسرته التي توجهت إلى مخيم البداوي الواقع شمال لبنان وكان عمره وقتذاك عشر سنوات، كما فقد أسرته المكونة من أمه وزوجته وابنه في حرب المخيمات الفلسطينية عام 1985، وقد ترعرع في المخيم وأكمل دراسته حيث التحق بمدارس المخيم إلى أن التحق بمعهد التمثيل، وقد اهتم غسان مطر بالسينما والتمثيل منذ الصغر وتأثر بها حيث كان يقوم بتقليد وتجسيد شخصيات الفنانين المختلفة وتقمص أدوارهم.
وقد عين عضواً في المجلس الوطني والمجلس المركزي الفلسطيني عن اتحاد الفنانين الفلسطينيين، كما مثل فلسطين خلال نشاطاته الفنية أو القيام بزياراته إلى الدول الصديقة، أو حتي توليه منصب نائب رئيس اتحاد الفنانين العرب لفترة.
وقد لايعرف البعض ان هناك فيلما وحيدا لعب بطولته المطلقة وقدم شخصية «فارس» المكبل بالثأر خلال فيلم انتجته المؤسسة العامة للسينما السورية بعنوان (المطلوب رجل واحد) وأخرجه جورج نصر.
ورغم أنه واحد من أشهر من قدم الأدوار الثانية والثالثة في السينما المصرية والعربية عموما لكن يظل لغسان مطر بصمة خاصة في الفن السابع.. فهو بتكوينه الجسماني وأداءه الواحد ونبرة صوته حالة تستحق بعض التوقف لتكشف عن المعاناة وربما إفلاس بعض المخرجين الذين لم يسعون لإكتشاف الجانب الخفي الأخر من فنان رقيق المشاعر صهرته المحن والمخيمات، ولم يروا فيه سوي الوجه الواحد الجامد الصارم وربما الهزلي أحيانا في كل الأدوار تقريبا.
