نصيحة «كريستيان مونجيو» للمواهب السينمائية الصاعدة
«تحدوا أنفسكم عبر طرح الأسئلة لتكتشفوا أدوات صناعة الأفلام»
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
في خامس وآخر ندوات الدراسية لملتقى قمرة، وهو حدث جديد تنظمه مؤسسة الدوحة للأفلام، نصح الخبير السينمائي في قمرة والحائز على جائزة السعفة الذهبية كريستيان مونجيو صناع الأفلام الشباب بتحدي أنفسهم وطرح الأسئلة للوصول إلى أدوات صناعة الأفلام.
وقال مونجيو «أسألوا أنفسكم حول سبب صنعكم الفيلم ولمن تصنعونه» مضيفاً «أسألوا إذا ما كان الفيلم يهمهم وعن نوع الفيلم الذي تودون صنعه، وفي حال لم تتمكنوا من الإجابة على هذه الأسئلة، لن تستطيعوا التقدم. وحالما تعثرون على الإجابة ستجدون الأدوات الصحيحة التي تتيح لكم اتخاذ قرارات سليمة عند صناعة الفيلم».
وبصفته أحد الخبراء السينمائيين في قمرة، تولى مونجيو نصح وتوجيه أصحاب أربعة مشروعات من مشروعات قمرة ضمن برنامج تطوير مكثف هي: الفيلم الوثائقي الدرامي الكوميدي «رجال في الشمس» (فلسطين واليونان والمملكة المتحدة والدنمارك وقطر) لمهدي فليفل، وفيلم الدراما «بارودة خشب» (سوريا وقطر) للفوز طنجور، وفيلم الدراما «خيوط العنكبوت» (السعودية والولايات المتحدة وفرنسا وقطر) لفايزة أمبا، والفيلم الوثائقي «البقرة المقدسة» (أذربيجان وألمانيا ورومانيا وقطر) لإمام الدين حسنوف.
وخلال الندوة التي أدارها الصحافي والناقد الفني جون ميشيل فرودو، اصطحب مونجيو الجمهور في رحلة على مسيرته الفنية التي بدأت بمشاهدته دزينات من الأفلام على شرائط الفيديو وعرضها لأصدقائه، مروراً بأول دخوله عالم السينما بعد انهيار الحكم الشيوعي في رومانيا. «كنت حينها على مفترق طرق وتحتم علي تقرير مصيري»، قال مونجيو عند قراره الاستقالة من وظيفته في مجال الإعلام وانتقاله للعيش في بوخارست لدراسة السينما.
وخلال نشأته في رومانيا، كانت الأولوية لمونجيو الالتحاق بالدراسة لتقصير مدة الخدمة العسكرية الإلزامية، وليس من أجب تحقيق حلم ما في أن يصبح صانع أفلام، حيث كانت كلية السينما الوحيدة أنذاك مقتصرة في العموم على النخبة.
وعن كلية السينما التي التحق بها، قال مونجيو أنها كانت «مفيدة لكن غير منظمة. تعلمنا عن الأفلام دون أن نشاهدها لأنها لم تتوفر لدى الكلية. وكان أهم ما تعلمته هناك أن أقرأ كثيراً وأفهم ما قام به الآخرون من قبلنا».
وبينما شهد أول أفلامه الروائية الطويلة «الغرب» عرضه الأول ضمن فعالية أسبوعي المخرجين في مهرجان كان السينمائي، اكتسب مونجيو بفضل فيلمه الثاني «أربعة أشهر وثلاثة أسابيع ويومان» شهرة عالمية وحاز على جائزة السعفة الذهبية، كما عزز الفيلم من مكانته كأحد رواد الموجة الجديدة للسينما الرومانية. وفي تعريفه لمقاربته السينمائية، قال مونجيو أنه يلقي نظرة صارمة على الواقع و«يستعين به نموذجاً».
وقال مونجيو أن فوزه بالسعفة الذهبية كان «حادثة سعيدة للغاية»، وفي حين لم تؤدي إلى حصوله على تمويل سهل لمشروعات أفلامه الأخرى، ساعدت الجائزة في تسليط الضوء على السينما الرومانية. وقال ضاحكاً «أصبح الفيلم الذي أردت له أن يكون مثاراً للجدل احتفاءً بأمة».
كما ساعدت الجائزة على إظهار جانب آخر لمونجيو المهتم بتوزيع الأفلام وعرضها على نطاق واسع، حيث عمل على إعادة تقديم مفهوم الكرفانات السينمائية. «لم يضاهي واقع فوزي بالجائزة توقعاتي عنها، حيث أراد الناس مشاهدة الفيلم دون أن يتمكنوا من ذلك لعدم وجود دور السينما». وعمل مونجيو بعدها على جمع الأموال واستئجار المعدات من ألمانيا من أجل تسيير كرفان يجول رومانيا بأكملها، ويعرض الفيلم لجماهير غفيرة يزيد قوامها عن عشرين ألفاً وذلك في عشرين مدينة على مدار ثلاثين يوماً.
وقال مونجيو «كنت آمل لو سلطت جهودنا الضوء على الوضع المحلي وأدت إلى افتتاح مزيد من دور السينما، إلا أنها شجعت المزيد من صناع الأفلام على تسيير كرفاناتهم». وبينما لم تغير التجربة من الوضع القائم، قال مونجيو أنها أتاحت له رؤية الجانب الآخر من صناعة الأفلام.
وقال مونجيو، الذي عُرض فيلمه «حكايات من العصر الذهبي» ضمن عروض أفلام خبراء سينمائيين معاصرين وهو من كتابته وإخراجه بمشاركة أربعة مخرجين آخرين، أنه يتعمد الابتعاد عن أفلامه السابقة. «الفيلم المُنجز فيلم ميت حيث لا يسعك استخلاص الحياة منه، وعليك أن تبحث عن النور والحياة في مكان آخر وذلك أمر معقد».
وعند سؤاله عن الشخصيات النسائية القوية في أفلامه، أجاب مونجيو أن وجودها لم يكن خياراً متعمداً قائلاً «هذا خيار تفرضه قصة الفيلم حيث نجد المرأة في أيامنا هذه وفي خضم جميع الأحداث الدراماتيكية التي يتعرض لها مجتمعنا، أقرب إلى مركز الحدث من الرجل وما يدلل على ذلك كونهن الضحايا في أغلب الأوقات».
وقال مونجيو أنه عثر على موضوع فيلمه القادم بعد أشهر وأسابيع عانى فيها من الضياع والإحباط، ونصح صناع الأفلام الشباب بـ«التركيز على ما ينبغي عليكم فعله والتفكير فيه دون أن يقاطع ذلك روتين حياتكم اليومية، ويوماً ما ستنطلق شرارة الإبداع».