ملفات خاصة

رائد الواقعية يغرق فى بحر الرومانسية

انتصار دردير تكتب لـ«سينماتوغراف»:

اذا كان المخرج الكبير صلاح أبوسيف قد استحق عن جدارة لقب رائد الواقعية فى السينما المصرية بأفلامه التى توغلت فى قضايا المجتمع، وكشفت كثيرا من عوراته، فان ذلك لايعنى أن تقتصر أفلامه على الاتجاه الواقعى، بل إنه قدم أفلاما شديدة الرومانسية، تقطر عذوبة وتفيض بمشاهد الحب، ولوعة الفراق، ودموع العشاق. نلحظ لمحات من تلك الرومانسية تتجلى بوضوح فى أغلب أفلامه، تجدها فى مشهد أو لقطة – ليست عابرة  – أو فى جملة حوار ناعمة، لكن يبقى فيلم «الوسادة الخالية» نموذجا للاتجاه الرومانسى فى أفلام صلاح أبوسيف الذى لو قدر له الاستمرار فيه لحقق نجاحا كبيرا، أنه جزء أصيل فى شخصية أبوسيف نفسه.

كانت رواية «الوسادة الخالية» لاحسان عبد القدوس قد آثارت ضجة كبيرة عند صدورها اذ طرحت قضية الحب الأول الذى رأى فيه احسان وهما كبيرا، وخرافة تعذب صاحبها، وأطلال ماضى يطارده، فيستسلم له ويعيش معذبا به. وكما يقول فى مقدمة الرواية «فى حياة كل منا وهم كبير اسمه الحب الأول»، وتحمس أبو سيف للرواية وكتب لها السيناريو مع الفنان السيد بدير، واختار لبطولة الفيلم المطرب عبد الحليم حافظ الذى كان فى قمة نجوميته ونجاحه الجماهيرى، بينما أسند دور سميحة للوجه الجديد حينذاك لبنى عبد العزيز لتلعب دور البطولة أمامه مع زهرة العلا وأحمد رمزى وعبد المنعم ابراهيم وعمر الحريرى وعبد الوارث عسر.

الوسادة الخالية
الوسادة الخالية

وفى 7 يناير 1957 عرض فيلم «الوسادة الخالية» ليستقبله الجمهور بحفاوة كبيرة، فقد ضمنه أبو سيف كافة عناصر النجاح باختياره موضوعا مثيرا للجدل بين من يبقى أسيرا لذلك الحب الأول ويراه الأصدق الذى يبقى حيا فى القلب مهما مرت السنون، ومن يراه خرافة تستبد بالقلوب البريئة ثم ترحل مع حب جديد، كما برع أبوسيف فى اختيار فريق الممثلين، ثم الحوار الذى خرج الجمهور يردده لصدقه وبساطته، والأغنيات التى عبرت بقوة عن الموقف الدرامى وعن أزمة البطل الذى يعيش وهم الحب الأول.

فى الفيلم يقع «صلاح» طالب التجارة فى حب «سميحة» وتشتعل قصة الحب بينهما ويلتقيان خارج المنزل، يتعاهدان على الحب والزواج، لكن حرارة مشاعرهما تصطدم برفض الأسرة ويقف الأب عبد الوارث عسر ساخرا من رغبة ابنه الطالب الجامعى فيقول «خلاص أبقى أديك مصروفك ومصروفها»، كما يرفض والدها أيضا  ويرحب بزواجها من الطبيب الشاب عمر الحريرى، يعيش صلاح صدمة نفسية كبيرة ويتنقل بين الملاهى الليلية وينخرط فى علاقة مع راقصة حتى يصاب بأزمة صحية، وينقل الى المستشفى ليفاجأ بأن زوج سميحة هو من يجرى له الجراحة، ووسط اشادة الأب والأم بالطبيب النابه، يقرر صلاح أن يشق طريقه بنجاح وتسكنه روح التحدى فهو يتمنى أن تندم سميحة على تركها له، وبالفعل ينجح فى دراسته ويبدأ عمله ويترقى، وتقع درية ابنة صاحب الشركة فى حبه ويتزوجها، لكنها تكتشف حبه لسميحة بعد أن ظلت دبلتها فى يده، وظل هو يحتضن الوسادة الخالية التى يرى فيها صورة حبه الأول، وبينما تفقد زوجته طفلها الأول يفيق صلاح من أوهامه ويكتشف أنه يحب درية وفى آخر مشاهد الفيلم يحتضن الوسادة وقد رأى فيها صورة زوجته.

يستغل أبوسيف موهبة بطله العندليب ليقدم باقة من الأغنيات التى تعبر عن مواقف درامية يمر بها البطل والتى تميزت بتفوق عناصرها وأسلوب تصويرها – بفضل بموهبة مدير التصوير الفنان محمود نصر- لتظهر، كما لو كانت «فيديو كليب» مثل «مشغول وحياتك مشغول»، «تخونوه»، «فى يوم من الأيام»،

لقد استطاع أبو سيف فى «الوسادة الخالية» أن يعلم أجيالا عديدة معنى الحب، وصار المحبون على درب حليم، تشابكت أيديهم، وارتدوا «الدبل الفضة»، وباتوا لياليهم وهم يحتضنون تلك الوسادة .. الخالية

بعدها بعام قدم أبوسيف فيلما آخر لايقل عذوبة عن «الوسادة الخالية» وأعنى فيلم  «هذا هو الحب 1958» ويختار لبطولته البريئة، الحالمة، لبنى عبد العزيز أمام يحى شاهين والعملاقتين فردوس محمد ومارى منيب، والراسخ أداءا وموهبة حسين رياض، الفيلم عن قصة محمد كامل، وقد شارك أبو سيف – كعادته – فى كتابة السيناريو، بينما أسند الحوار للفنان سيد بدير، وقام بانتاجه رمسيس نجيب.

هذا هو الحب
هذا هو الحب

فى «هذا هو الحب» يدور الصراع بين الحب والغيرة وتسلط الرجل ورغبته فى تملك زوجته، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، ومشاعر الأنانية وشكه وتردده، البطل هنا مهندس شديد التزمت والشك يراقب شريفة ابنة الجيران ويتأكد من التزامها وتدينها، وتكتمل المعاينة بزيارة أمه لخطبتها فى مشهد خالد فى الذاكرة، يفجر الضحك ويكشف عن شخصية البطل حين تطلب الأم من العروس أن تقوم بكسر البندق حتى تتأكد من سلامة أسنانها، وتشد شعرها حتى تتأكد أنه ليس مستعارا، يتزوج العروسان ويسافران للفيوم لقضاء شهر العسل، وينعمان بالسعادة، وأثناء خروجهما للتنزه تلتقى مصادفة مع صديق شقيقها الذى يلقى التحية عليهما، فيجن جنون الزوج، يحاصرها بالأسئله، يقطع شهر العسل ويطلقها بعد أن تملكت الغيرة والظنون منه، وتعود الزوجة المهزومة، فتسارع الأسرة بتزويجها خوفا من الفضيحة، ويشعر الزوج بفداحة ما فعله ويحاول استردادها،  فتهرب من الفرح لتعود اليه.

لوعة الحب
لوعة الحب

وفى «لوعة الحب 1960» الذى كتبه جليل البندارى وشارك فى بطولته عمر الشريف وأحمد مظهر أمام شادية، تعيش الزوجة الشابة الجميلة حياة تعيسة مع زوجها «أحمد مظهر» سائق القطار الذى يعاملها بغلظة وقسوة تجعلها تنفر منه، ويحدث أن يسافر لمهمة عمل وياتى زميله «العطشجى – عمر الشريف – لتوصيل بعض الطلبات اليها»، ويعاملها برقة وحنان بالغ، فتقع أسيرة لهواه، ويتفقان على أن تطلب الطلاق من زوجها ليتزوجا، لكنها تكتشف أنها حامل، وحين يعلم الزوج بذلك يتحول عن شراسته ويصبح أكثر رقة معها، لتعود المياه الى مجاريها بينهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى