مراجعات فيلمية

نظرة أولى.. «الحوت» مخيب للآمال رغم براعة بريندان فريزر

فينيسيا ـ خاص «سينماتوغراف»

من الصعب أن لا تشعر بالتعاطف الشديد مع مدرس اللغة الإنجليزية الذي يعاني من السمنة المفرطة، والذي يؤدي دوره الممثل بريندان فريزر في عودته المرتقبة، ولكن ما قدمه فيلم «The Whale ـ الحوت» مخيب للآمال.

يعد فيلم المخرج دارين أرونوفسكي، والذي تم كتابته سينمائياً بواسطة صموئيل هنتر من مسرحيته الخاصة في عام 2012، أكبر خيبة أمل في مهرجان فينيسيا السينمائي وأكثرها إثارة للدهشة؛ السرد مفتعل وغير مقنع والفيلم بأكمله له لغة جسد غريبة، كما لو كان يتعامل مع موضوعه المؤلم مستخدماً قفازات أطفال ويطلب منا أن نفعل الشيء نفسه.

بريندان فريزر هو (تشارلي)، مدرس اللغة الإنجليزية المسؤول عن دورة دراسية عبر الإنترنت، يتم تدريسها عبر برنامج زووم، و يدعي للمجموعة أن كاميرا اللاب توب الخاصة به لا تعمل، وهذا هو السبب في أن المربع الموجود على الشاشة يظهر دائماً وجهه فارغًا. لكنه في الواقع لا يريدهم أن يروا كيف يبدو، فهو يعاني من السمنة المفرطة، وبالكاد قادر على ترك مقعده والمشي بصعوبه بالغة كي يصل إلى المرحاض، وكل ما يفعله من مجهود هو التهام البيتزا، والدجاج المقلي، مع قطع من الشوكولاتة الموجودة دائماً فى درج مكتبه، ويبلغ ذروة إيقاعه الثابت بنوبة قلبية كادت تقتله، وهو يمارس العادة السرية على مشهد إباحي مثلي الجنس.

بالطبع، لا يُفترض أن تكون هذه كوميديا ​​سوداء ساخرة، ولا يُفترض أن يكون تشارلي جشعًا أو كسولًا أو أنانيًا، وملخص ما نعرفه من الأحداث، أنه يشعر بالاكتئاب بعد وفاة شريكه، وهو طالب سابق من فصل دراسي للكبار، ترك تشارلي زوجته وابنته الصغيرة من أجله؛ ومن أجل هذا الهجر لا يزال يشعر بالذنب ويحاول أن يتواصل مع ابنته فيما تبقى له من أيام يعيشها وكأنها محاولة للخلاص.

صديق تشارلي الوحيد الآن هي أخت شريكه الراحل ليز (هونغ تشاو)، الممرضة المتشددة الغاضبة من رفضه الذهاب إلى المستشفى. تصبح حياته الهشة والوحيدة أكثر تعقيدًا مع وصول الشاب الغريب توماس (تاي سيمبكينز) إلى بابه، وهو مبشر مسيحي من الكنيسة التي كان شريك تشارلي عضوًا فيها. يبدو أن ابنة تشارلي الغاضبة، إيلي (سادي سينك)، ترغب أيضًا في إعادة الاتصال بوالدها.

(سادي سينك) في دور إيلي

إلى جانب كل ذلك، هناك حب تشارلي للأدب، وخاصة موبي ديك لملفيل، وتشارلي يدرك بشكل كئيب أنه الحوت، الكيان الضخم المتضخم الذي لا يريد أحد مطاردته أو الاستحواذ عليه أو حتى التفكير فيه على الإطلاق، أو ربما أن تشارلي يبحث عن المعنى المراوغ لحياته المحطمة، فيدفن نفسه في أعماق محيط الوحدة.

يجلب بريندان فريزر لطفًا واضحًا وانفتاحًا على دور تشارلي، بأداء مميز وواعي، يتفوق فيه على كل الإضافات والمؤثرات الخاصة التي تمنحه حجما أكبر، وكأنها مزيد من الإثارة التي تستدر الرعب والتعاطف والحب في موسم الجوائز.

هناك لمعان جميل جدًا لدرجة يصعب تصديقها على قداسة تشارلي ومحاولة الخلاص من ذنبه تجاه ابنته في أيامة الأخيرة، ما يجعل مفهوم هذا الفيلم عن الموت عاطفي وحتى متدين بشكل خفي. لكن حتى هذه ليست المشكلة بالضبط – إنها الحبكة المعقدة التي تحيط بتشارلي: الخدع الغريبة وغير المعقولة حول خلفية شريكه وتعاسة إيلي وموقفها السيئ، كل ذلك تم الكشف عنه بشكل غير مباشر وغير متقن. يؤمن تشارلي بخير إيلي الأساسي حتى النهاية، لكن أي غموض مفترض حول نواياها وسلوكها هو أمر غير مُرضٍ وغير مثير للاهتمام.

يقدم بالفعل بريندان فريزر براعة صادقة في دور تشارلي، وتضفي هونغ تشاو شراسة وترحبًا على الدراما، لكن يبقى السرد الضعيف وغير المقنع نقطة ضعف فيلم «The Whale ـ الحوت».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى