إشادة بـ «قمرة» لوضعه أسس تطوير السينما الاقليمية
الدوحة ـ «سينماتوغراف»
أشاد خبراء السينما وصناع الأفلام والعاملون في القطاع السينمائي بالنسخة الثانية من قمرة، الحدث السينمائي السنوي الذي تقدمه مؤسسة الدوحة للأفلام، وأكدوا أنه أرسى الأسس الصلبة لتنشيط وتطوير صناعة سينمائية حيوية في المنطقة وتطوير مهارات المواهب الواعدة.
وشارك في الحدث السنوي أكثر من 100 خبير سينمائي من ضمنهم مديري مهرجانات سينمائية دولية ومنتجين ومديري صناديق واستشاريي نصوص ووكلاء مبيعات وموزعين وخبراء آخرون، وقدموا رؤاهم وشاركوا تجاربهم مع المشاركين في ثلاثة برامج رئيسية.
وضم البرنامج الأول ندوات تعليمية لخبراء قمرة الخمسة وهم كاتب السيناريو والمخرج ومنتج أفلام الاندي جيمس شاموس، السينمائي التركي الفائز بجائزة السعفة الذهبية وجائزة الحكام الكبرة نوري بيلج جيلان، الكاتبة والمخرجة اليابانية ناوومي كواسي الفائزة بالجائزة الكبرى بمهرجان كان السينمائي، السينمائي الروسي ألكسندر سوكوروف الفائز بجائزة الأسد الذهبي، ومخرج الأفلام الوثائقية المرشح لجائزة أوسكار مرتين الأميركي جوشوا أوبنهايمر. وشارك في الجلسات ممثلون عن 33 مشروع اختارتها مؤسسة الدوحة للأفلام هذا العام إلى جانب مجموعة من المشاركين من قطاع السينما والإعلام القطري.
أما البرنامج الثاني في قمرة فهو برنامج الصناعة، وضم 33 مشروعاً في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج وسلسلة جلسات توجيهية وتدريبية وشخصية مع الخبراء الرواد في عالم السينما. كما شهد البرنامج عروضاً مختارة لمشاريع أفلام في مرحلة المونتاج وأخرى في المراحل النهائية من الإنتاج. وعل مدار أيام الملتقى الستة، شارك القائمون على المشاريع في أكثر من 182 لقاءً مع المنتجين وصناديق التمويل، وفي 133 جلسة تفصيلية مع الخبراء والمدربين، بالإضافة إلى 25 جلسة لقاء خبراء قمرة، سبع استشارات لأفلام في مرحل المونتاج، سبع استشارات للسيناريو، 20 جلسة إفطار عمل، وأكثر من 50 اجتماعاً شخصياً.
وضم البرنامج الثالث عروض أفلام وهي سلسلة عروض عامة لأعمال خبراء قمرة الخمسة وأفلام حظيت بدعم برنامج المنح في مؤسسة الدوحة للأفلام. عرضت الأفلام في مسرح متحف الفن الإسلامي ضمن قسم “أصوات جديدة في عالم السينما” وتلاها مشاركة المخرجون في جلسات حوارية مع صناع الأفلام.
منصة للمواهب
وقالت فاطمة الرميحي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام :”أطلقنا قمرة في العام الماضي وبدأنا في رحلة طموحة لتزويد المواهب الواعدة بمنصة سينمائية مناسبة لمساعدتهم في بناء مهاراتهم وتعزيز شبكة علاقاتهم. في النسخة الثانية، سررنا بوجود نخبة من الخبراء من مختلف أرجاء العالم يشاركون في المناقشات ويؤكدون على التزامهم بدعم صناع الأفلام الشباب. فكل الشكر والتقدير لهم على حضورهم إلى قطر ومشاركة خبراتهم السينمائية مع الجميع بروح مفعمة بالعطاء”.
وأضافت :”لقد أسسنا الآن لمنصة حيوية تجمع أفضل العقول السينمائية في قطر، لتمكّن صناع الأفلام من الاستفادة من خبراتهم. فالملتقى يبحث في ما يدور في أروقة الصناعة والمهرجانات السينمائية الدولية التي لا تتيح دائماً مشاركة المواهب الجديدة”.
وتابعت الرميحي :”التغييران الرئيسيان اللذان طبقناهما في النسخة الثانية من قمرة هما برنامج الأفلام القصيرة المكرّس للمواهب التي تعمل على هذا النوع من الأفلام، وعدد كبير من الأفلام الوثائقية في المشاريع المختارة (ارتفعت من 4 إلى 10 في هذا العام)، إلى جانب حضور خبير سينمائي بالأفلام الوثائقية للمرة الأولى. لقد كان قمرة ولا يزال مكرساً لصناع الأفلام ونتطلع إلى مواصلة تطوير وتعديل الملتقى في كل عام بناء على آرائهم بهدف تلبية حاجاتهم ومتطلباتهم”.
بدوره شددّ إيليا سليمان المستشار الفني لمؤسسة الدوحة للأفلام على أهمية قمرة واعتبره فضاءً لإلهام صناع الأفلام الشباب. وتحدث سليمان خلال قمرة عن أهمية هذا الدعم في وقت يشهد فيه العالم المزيج من العوائق والحواجز وقال :”الخيال والشعر لدى صناع الأفلام الشباب يعملان كمقاومة لهذه الحواجز. إن حقيقة تواجدنا هنا في قمرة يظهر الثقة التي نضعها في صناع الأفلام لكسر هذه المعوقات والحواجز”.
أصوات الخبراء
حظي النهج المتبع في قمرة على إشادة خبراء قمرة الخمسة الذين حضروا الملتقى، حيث قارن الخبير السينمائي جوشوا أوبنهايمر بين ما يقدمه قمرة مع ما يقدمه “اختبار الفيلم صح/خطأ” في كولومبيا ومهرجان تلورايد السينمائي.
واستنتج قائلاً :”إنه حدث جدي جداً. حضرت القليل من الفعاليات السنيمائية المشابهة من هذا النوع. إنه مكان يتمتع فيه المشاركون بالجدية والالتزام والبحث عن طرق جديدة لسرد القصص المناسبة للتجارب المستحيلة في هذه المنطقة. وبمجرد وجودي هنا والاستماع إلى قصص وأسئلة الناس ومقابلة الخبراء، أشعر باني أحضر ندوة تعليمية بالفعل”.
وأضاف :”لقد كان من المهلم حقاً رؤية الناس الذين لم يصنعوا الأفلام نتيجة الفضول الفكري أو الجمالي بل نتيجة حاجة ملحة لمعرفة كيف يجعلون من الكلمات المبعثرة أمراً مفهوماً، وذلك عندما كانت انفسهم وتجاربهم الخاصة عن العالم تتشكل نتيجة ذلك العنف والاظطراب نفسه”.
بدورها أوضحت ناوومي كاواسي بأن قمرة يلعب دوراً مهماً في إخبار الجيل الشاب في العالم بأنهم يستطيعون القيام بأمر ما في بلدانهم. “لدينا هنا صناع أفلام من جميع أنحاء العالم. لماذا يحضرون إلى هنا؟ لأننا نريد أن ننقل الثقافة إلى أجيالنا الشابة”.
أما ألكسندر سوكوروف فقد أشاد بنضوج صناع الأفلام الذين أشرف عليهم خلال قمرة: “في بعض الأحيان من الصعب التعامل مع صناع الأفلام الواعدين لأنهم غير واثقين من أنفسهم، ولا يملكون أفكاراً واضحة. لكن هنا، لدينا شباب في كامل النضج وهم محترفون جداً”.
تقدير الصناعة
وتطرق الخبراء إلى أهمية دعم وتطوير المواهب الشابة التي هي من أولويات قمرة. ووصفت استشارية السيناريو من أستراليا كلير دوبين قمرة بأنه “فرصة مذهلة لصناع الأفلام يقدم للمشاركين نظرة عن كيفية العمل في هذه الصناعة”.
وقال كارلو تشاتريان المدير الفني لمهرجان لوكارنو السينمائي بأن المزيج المثير للحدث يضمن تجربة ثرية للمشاركين الذين يمكنهم الاستفادة من التنوع، بينما تساعد “التجارب الإنسانية” في الاجتماعات الشخصية وقضاء الوقت في أجواء مريحة تساعد العاملين في القطاع السينمائي على فهم صناع الأفلام الشباب ومشاريعهم بشكل افضل.
وأوضحت فيوليتا بافا مبرمجة في مهرجان بيونس أيرس السينمائي الدولي “أن الميزة الفريدة لقمرة هو انه “يناقش بحق شؤون السينما” من دون أي اقتطاعات ويمثل فرصة مهمة لمقابلة الناس ممن يعملون في المجال نفسه.
أما ماثيو داراس المدير الفني لاستديو تورينو للأفلام فأشار إلى أن الاجواء الودودة في قمرة تساعد على تقديم “نظرة عن كل الأمور حول صناعة الأفلام” للمشاركين، ووصفها بأنها نقطة فارقة عن المهرجانات السينمائية الأخرى.
أصوات عالمية
وضمن مهمته في تطوير الجيل القادم من المواهب السينمائية، دعم قمرة 33 مشروعاً من صمنها 13 فيلماً روائياً و 10 أفلام وثائقية طويلة و 10 أفلام قصيرة.
مثلت المشاريع 19 بلداً منها 15 فيلماً لصناع أفلام من قطر، 12 من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا و 6 من باقي أرجاء العالم. ومن بين 33 مشروعاً، 11 هي أفلام طويلة في مرحلة التطوير و 12 في مرحلة ما بعد الإنتاج و 10 أفلام قصيرة في مرحلة التطوير.
عشرون مشروعاً من الأفلام الطويلة هي لمخرجين حصلوا على دعم من برنامج المنح بمؤسسة الدوحة للأفلام و 3 لصناع أفلام مستقلين من قطر. ومن بين الأفلام القصيرة العشرة، 7 منها لصناع أفلام قطريين و 3 لمخرجين مقيمين في قطر، تم اختيارهم من خلال التواصل الدائم للمؤسسة مع القطاع السينمائي المحلي.
واحتفاءً بالمواهب القطرية، افتتحت النسخة الثانية من قمرة بالفيلم القطري القصير “شجرة النخيل” (قطر، لا حوار، 2015) لجاسم الرميحي وذلك في قسم “أصوات جديدة في عالم السينما”. وقد حصل الفيلم على جائزة “أفضل فيلم وثائقي” في قسم صنع في قطر في مهرجان أجيال السينمائي 2015.