«الآن تراني 2» يفتقد السحر رغم اعتماده على ألاعيب السحرة
«سينماتوغراف» ـ محمد جابر
يحب الناس “السحر” و”ألاعيب السحرة”، ذلك الغموض المرتبط بـ”كيف فعل ذلك؟”، حتى أن السينما نفسها طورها شخص كان يعمل ساحراً قبل أن يبدأ الإخراج وهو جورج ميلييه، لذلك فلم يكن غريباً النجاح الضخم الذي حققه الجزء الأول من فيلم “الآن تراني Now You See Me عام 2013، حيث امتلك الكثير من المقومات الجاذبة للجمهور، سواء الممثلين الناجحين، أو كونه عمل إثارة، ولكن الأهم كان خدعه السحرية وفضول المتفرجين نحو تفسيرها، لذلك جلب عائدات عالمية بلغت 350 مليون دولار، مما كان داعماً لإنتاج جزء ثان.
الجزء الثاني يبدأ بعد عام من نهاية الجزء الأول، يبدو كل شيء بخير، ويجهز “الفرسان الأربعة” أبطال الفيلم لخدعتهم وعرضهم الجديد أمام الجمهور، ولكن العرض يفشل بشكل مفاجئ ويتحول لتتابع من الأحداث الغريبة، والتي تنتهي بالأربعة يقفزون في إحدى المواسير هرباً، فيجدون أنفسهم في الصين، مختطفين من قبل رجل أعمال يريد الحصول على مفتاح ما يخترق أي نظام كمبيوتر في العالم، وتكون مهمتهم المباشرة هي الحصول على هذا المفتاح، وغير المباشرة هي إنقاذ أنفسهم من الخطف.
الشيء الواضح الذي غاب عن صنّاع هذا العمل، أنه لا يمكن تكرار نفس الخدعة مرتين متتاليتين، وإن كان الفيلم الأول دعم نجاحه الانبهار بالعالم المختلف، فلا يمكن أبداً أن تُعاد نفس تفاصيل عن السحرة المطاردين ومحاولتهم إنقاذ أنفسهم وتنفيذهم لعدد من الخدع السحرية.
ولكن الأهم أن الفيلم لا يحتفظ بنفس مستوى جزئه الأول في كافة تفاصيله، فمع تشابه التفاصيل في الحبكة والقصة ومسار الفيلم واستخدام الخدع..
كان التفوق في أي مقارنة لصالح العمل الأسبق، كالمطاردة والخطر مثلاً، والعلاقة المعقدة مع “ديلان رودس” و”ثاديوس برادلي” في الجزء الأول والتي تحولت هنا لرجل أعمال ذي شخصية باهتة مثل “والتر مابري” وهدف حبكة ساذج من قبيل “مفتاح قادر على الدخول لأي كمبيوتر!”، كذلك الخدع السحرية التي يقوم بها “الفرسان الأربعة” ويفسرونها على الشاشة كانت من النقط التي جاءت أضعف في هذا الجزء مقارنة بالجزء السابق، حيث كانت هنا متوقعة أحياناً، وتلجأ لتفسيرات باهتة (كالتنويم المغناطيسي!) في أحيانٍ أخرى. ومع غياب الجديد عن الأحداث أو التفاصيل فإن ساعتي عرض الفيلم اتصفوا بالإيقاع البطيء جداً وافتقاد “السحر” حتى وهو يتحدث عن سحرة.
وأمام كل هذا التقييد، والشعور بأن الفيلم يتم تنفيذه فقط من أجل الاستثمار السريع لنجاح الجزء الأول، فإنه لم يسبق لأبطال هذا الفيلم أن كانوا مقيدين بهذا الشكل في أعمالهم الأخرى، هناك شعور بأنهم فقط يقلّدون الشخصيات التي أدوها قبل ثلاث سنوات، دون أي جديد على مستوى المشاعر أو الحركة أو التفاصيل، وفي الوقت الذي يعيش فيه مثلاً جيسي آيزنبيرج ومارك رافالو لحظات تألق في مسيرتهم فإن أداءهم في الفيلم كان ضعيفاً، وتفشل إيزي شابلان في تعويض إيسلا فيشر –التي اعتذرت عن الفيلم- بسبب الضعف العام في كل شيء حولها، أما مشكلة الفيلم الأدائية الأكبر فهو الأداء الباهت جداً من دانيال رادكليف، “هاري بوتر” الذي ما زال يبحث عن نفسه بعد انتهاء السلسلة الناجحة، يؤدي هنا شخصية أحادية وسطحية جداً لرجل أعمال شبه مجنون يحاول السيطرة على “الفرسان الأربعة”.