فيلم للمخرج انطوان فوكوا صاحب «يوم التدريب»
دبي ـ خاص «سينماتوغراف»
هل كان يقصد المخرج الأميركي انطوان فوكوا اصابة جمهوره بالتوتر وشد الأعصاب عندما فكر بتقديم فيلمه الجديد «الأعسر ـ Southpaw» أم أن طبيعة الفيلم الذي يدور في حلبات الملاكمة هي التي فرضت عليه اتباع هذه الطريقة لشد أعصاب الجمهور؟، سؤال قد يحتار المشاهد لفيلم «الأعسر» في الإجابة عليه، لا سيما وأن كافة مشاهده من تلك التي تعتمد اساساً على أسلوب «السسبينس» أو التشويق في عالم السينما.
مأساة حزينة
في هذا الفيلم الذي يدور حول قصة صعود نجم الملاكم بيلي هوب (الممثل جيك جيلينهال) ودخوله دوامة مأساوية حزينة بعد فقدانه لزوجته التي تقتل بطريقة الخطأ ويؤدي ذلك لانهياره بعد ادمانه الكحول ومعاناته من فرط الغضب، ليحاول مجدداً العودة إلى القمة في سبيل استعادة ابنته إلى أحضانه بعد ان تسلبه اياها المحكمة ريثما يتمكن من استعادة توازن نفسه، لينجح في ذلك ويذوق معها طعم النصر مجدداً، بعد فوزه على خصمه الذي يؤديه الممثل ميغيل غوميز، ليأتي الفيلم في مجمله محملاً بالكثير من المشاعر الانسانية التي تفيض بالتوتر.
جرعات تشويق
المتابع لقائمة أفلام أنطوان فوكوا منذ 2001 وحتى الان، يجد أنها تميزت بارتفاع جرعات التشويق فيها، فمن فيلم «يوم التدريب» (2001) الذي لعب بطولته دينزل واشنطن وايثان هوك و«القناص» في 2007 و«نخبة بروكلين» في 2009، إلى فيلم «سقوط اولمبيس» (2013) من بطولة مورغان فريمان وجيرارد بتلر ، و«المعادل» (2014) الذي عاد فيه للتعاون مع دينزل واشنطن، وحتى «الأعسر» الذي يلعب بطولته الممثل جيك جيليهال، واستند فيه على سيناريو الكاتب كير سوتر المبني أساساً على قصة من تأليفه.
لعل الشيء المختلف في هذا الفيلم الذي انتج بتكلفة 30 مليون دولار، يكمن في تحول المخرج فوكوا من خط الجريمة إلى عالم الرياضة وتحديداً الملاكمة التي قدمت فيها هوليوود عشرات الأفلام الناجحة من أبرزها «الثور الهائج» لمارتن سكورسيزي. ورغم الاختلاف بين عالمي الجريمة والرياضة إلا أن ذلك لم يفقد فوكوا أدواته واستطاع فيه إبراز التناقضات النفسية التي تعيشها شخصية الفيلم المحورية باللعب على مشاعر بطل الفيلم وعواطفه التي تختبئ وراء قسوة مظهره ووحشيته داخل الحلبة، تاركاً للمتفرج حرية الغوص في اعماق النفس البشرية.
سلاسة الانتقال
براعة فوكوا في استخدام اسلوب التشويق، ساعدته في التنقل بسرعة وسلاسة بين مشاهد الفيلم، مصيباً بذلك المتفرج بتوتر دائم، فلا وقت طويل بين تحقيق هوب للنصر وبين مشهد مقتل زوجته التي تقتل بعد دخوله في شجار مع ملاكم آخر، وعلى إثرها يخسر ابنته التي تسلبه المحكمة حق رعايتها قبل أن تعيدها إليه مجدداً بعد أن يثبت اقلاعه عن الادمان وقدرته على إدارة غضبه الذي يتحول لسلاح فتاك في مباراته الأخيرة التي تعيده للقمة، لتثبت كافة المشاهد قوة اخراج فوكوا وسلاسة السيناريو وبراعة المونتاج والموسيقى وواقعية تصوير مشاهد الملاكمة، بحيث يوضع المتفرج وسط الحلبة.
تجسيد واقعي
اذن نحن أمام فيلم يتوقع مخرجه فوكوا أن ينال ترشيحاً للأوسكار، على الأقل في فئة أفضل تمثيل، لا سيما وأن جيك جيلينهال اثبت فيه مجدداً قدرته على تقديم أداء مميز، عبر معايشته التامة لتفاصيل الشخصية من كافة جوانبها وتجسيدها بشكل واقعي، سواء في الشكل أو الحركات، مستخدماً في ذلك الأداء المنهجي الواقعي في التمثيل الذي ارتبط بعدد من كبار نجوم هوليوود.
أداء الممثلين الآخرين بالفيلم الذي جمع حتى الان 69,779,509 مليون دولار على شباك التذاكر العالمي، ومنهم الطفلة أونا لورنس والممثلان فوريست ويتكر وراتشيل مكآدامز والمغنية ريتا أورا، لم يقل عن مستوى جيك جيلينهال، ما يشير إلى براعة المخرج فوكوا في ادارة ممثليه في أي عمل يقدمه.
يذكر أن قصة «الأعسر» استوحيت أساساً من قصة صراع نجم الراب إيمينيم مع الإدمان على العقاقير خلال السنوات الأخيرة، وسمي الفيلم بذلك لأن المغني كان أعسراً، وتم تحويل القصة إلى عالم الملاكمة عوضاً عن الغناء والموسيقى.
