التفاصيل الكاملة لـ «ماستر كلاس» المخرج المجري بيلا تار في «القاهرة السينمائي الـ44»
القاهرة ـ «سينماتوغراف» : شادي جمال
شهدت جلسة الـ«ماستر كلاس» للمخرج المجري «بيلا تار» (التي أقيمت ضمن فعاليات القاهرة السينمائي الـ44، وحاوره خلالها المخرج المصري أحمد عبد الله السيد)، ازدحاماً شديداً قبل بدءها، وواكبها وجود طابور stand by ممن ليس معه تذاكر، استعداداً لدخولها في حالة وجود مقاعد تسمح بذلك.
وقال بيلا تار، في بداية جلسته التي عقدت داخل مسرح النافورة بدار الأوبرا المصرية، إنه مبهور ولم يتردد في الحضور حينما خاطبه النجم حسين فهمي، مؤكدًا أنه سعيد بالتواجد في القاهرة.
وافتتح بيلا تار، الـ«ماستر كلاس» بنصيحه لجيل الشباب، مشيراً إلى ضرورة أن يكون الشخص نفسه فقط ولا يتعلق بأي شخص ناجح، فنجاحه يعتمد على نفسه وكفاحه فقط، وأنه يجب أن يكون الشخص مناضل ومكافح وشجاع لأقصي درجة ممكنة.
وكشف المخرج المجري كواليس تحضيراته لفيلمه Harmonies Werckmeister، قائلًا إن الأفلام لها لغات مختلفة، لا يجوز ترجمتها ولكنك تستطيع أن تغير في الطريقة التي تقدمه بها وتبدع في أعمالك، وأن قصة أي فيلم لا تسير بخط مستقيم، لأن بها أحاسيس ومشاعر أشخاص.
وأكد بيلا تار أنه يتعامل مع الممثلين كونهم أصدقائه وعائلته، ويُفضل تكوين ثقة متبادلة بينهم؛ لأنه لا يعتمد على السيناريو والحوار المكتوب، ويوجه الممثلين للمشاعر المطلوبة من خلال إخبارهم بموقف المشهد والمشاعر المطلوبة هذا إلى جانب إخبارهم بالإطار المقرر أن يتحركوا خلاله للتصوير.
واسترسل تارا، خلال جلسته، عن كيفية استخراجه للمشاعر من الممثلين، وأنه شخصية هادئة في تعاملاته، مضيفاً: «أحياناً لا أقوم بتوقيف الكاميرا عقب انتهاء المشاهد لاستخراج اللحظات الصادقة من الممثلين». مؤكداً أنه لا يقدم للممثلين السيناريو لأنه يريد حواراً واقعياً.
وعن كيفية اختيار أبطال افلامه، صرح موضحاً: «أختارهم بناء على شخصيتهم الحقيقة، لاسيما في التعامل مع الممثلين المسرحيين»، مؤكداً أن «الثقة هي أهم عامل أقوم ببنائه مع أبطال أفلامي».
مضيفاً: «أعتمد كثيراً على الخطوات الثابتة في عملي كمخرج، ودائماً ما أشعر أن يوماً بعد يوم يمكن أن تصبح أكثر خبرة، ويوما بعد يوم تصبح أكبر وأكثر نضجاً وأكثر تبحراً في عالم السينما».
وتابع تار: «في البداية عليك أن تمشي خطوة بخطوة، خاصة وأن مكان العمل من أهم مميزاته، وأثناء البحث عن مكان تصوير مناسب عليك أن تتعرف على الأبطال. من عملك أيضًا. لا يمكن بناء الفيلم على النص، وأنا أعتذر نيابة عن جميع كتاب السيناريو، ولكن عندما ترى عملًا فنيًا، عليك أن ترى أشخاصًا حقيقيين، بينما من يكتبون السيناريو، يكتبون فقط ما هم يريدونه».
وتسائل الفنان حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي حول كيفية تغيير السيناريو والحوار الذي يأتي له وذلك على عكس طبيعة العديد من المخرجين الذين يرون عدم بدئهم أي عمل دون وجود سيناريو وحوار كامل.
وأجابه بيلا تار قائلاً: الحوار يتم إدارته وفقًا لمشاعر الممثل حيال الموقف الذي أشرحه لهم، ومن الضروري أن يخرج الحوار من القلب، وهو أمر غير متواجد بالسيناريوهات، فعلى سبيل المثال كان هناك سيناريو وحوار لعمل ما مطلوب به شاب طويل القامة، ولكن على أرض الواقع يمكنني اختيار شاب قصير وممتلئ ولكنه ملائم للمشهد والأداء الذي أريده.
وسألته الفنانة سلوى محمد علي، عن نوع الممثلين الذين يتعاملون معه دون وجود سيناريو وحوار واضح، ليجيبها بيلا: أنا أعمل مع الممثلين على أنهم بشر طبيعيين وأنا أخبرهم بالموقف فقط وأترك لهم رد الفعل، وهم يبنون الشخصية من خلال الدراما البشرية.
وأضاف تار: «لا يهمني إذا كان الممثل محترفًا أم لا، ما يهمني هو الشخصيات، ما هي حقيقتك وكيف تتعامل مع الأشياء، ولهذا لا أعطي سيناريو للممثلين، لأننا عندما نبني علاقة ناجحة مع بعضنا البعض، فإنهم يعطونني ما أريد أثناء التصوير».
وعن سبب عزوفه عن المشاركة في الأعمال الدرامية التلفزيونية، أشار بيلا إلى أنه يعتمد في إخراجه على استخراج المشاعر المطلوبة من الممثلين قدر الإمكان، لذا تكون معظم مشاهده طويلة، وذلك على عكس الأعمال الدرامية التي تعتمد على الاختصار وقول المخرج في لوكيشن التصوير (أكشن، وكت).
وتحدث عن عنصر الموسيقى، حيث أردف قائلاً: «أنا مخرج مخادع، واستخدم منطق اللقطة، وقوته، لأننا مساجين الموقف، واستخدام الموسيقى في الأفلام مهمة جدًا، لأنها من أهم خصائص العمل، ولهذا عملت مع اثنين أو ثلاث موسيقيين خلال رحلتي المهنية، والموسيقي من أهم الأشياء التي أقوم بالتحضير لها قبل بداية العمل على الفيلم»، لافتًا : «لابد أن يكون الموسيقي صديقي وأعرفه بشكل جيد».
واستعاد بيلا تار، ذاكرته لبداياته، قائلاً : «كان لدي معلم أثناء دراستي وأخبرته أنني أريد بداية العمل علي فيلمي الثاني، ولكنه أخبرني أنه يجب علي ترك الدراسة وبدء العمل علي الفيلم الذي أريده، ومن هنا بدأت العمل علي فيلم ماكبث»، مشيراً إلى أن مشواره الفني الذي بدأ وهو في عمر الـ22، واجه خلاله العديد من الصعاب، ونجح في تجاوزها كافة.
وأضاف تار، عن أسلوب عمله : «كان البعض يطلب مني حذف بعض المشاهد، إلا أنني كنت أتمسك بها وأرفض ذلك الأمر، وبعد فترة عندما التقيهم، يسألوني هل أزالتها؟، وأكرر رفضي.. ولهذا أنا أشعر بالشجاعة، كوني حاربت لأجل ما أريد».
وتابع : «هذه المشاهد كانت سياسية، وفي حياتي عاصرت الكثير من الوزراء الذين ينساهم الشعب، أما أنا فأتذكرهم في أفلامي».
يذكر أن بيلا تار، مخرج ومنتج ومؤلف ويعد أحد أهم صانعي السينما في المجر، وُلد عام 1955، تخرج في أكاديمية المسرح والسينما في بودابست عام 1981، وبدأ مسيرته المهنية المليئة بالعديد من النجاحات في سن مبكر، من خلال سلسلة أفلام وثائقية وروائية وُصفت بأنها كوميديا سوداء.