Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
أحداث و تقارير

«الجميع بخير».. فيلم انساني يعيش في ذاكرة من يشاهده

«سينماتوغراف» ـ ملكة أمين

أجمل ما في فيلم «الجميع بخير ـ Everybody’s Fine» تلك المشاهد التي يلتقي فيها الأب بأولاده عندما يفاجأ كل واحد منهم بزيارته، ونظرة الإحساس الدفين الذي يعيش في أعماقه تجاههم وأنهم مازالوا أطفالا يتذكر ملامحهم وحركاتهم، ثم تدريجيا تتلاشى من الذاكرة صورة الطفل لتحل مكانها أمام الأعين كينونة أنهم أصبحوا كبارا ومستقلين بحياتهم عنه، حيث ترصد الأحداث خطوط منفصلة لأفراد أسرة واحده كلا منهم يجري على قضبان حياته، فهل من الممكن أن تتلاقى الخطوط لتصنع حياة مشتركة؟!، الفهم والمشاركة مع مشاهد النهاية يجعلان الحياة أبسط وأجمل.

«الجميع بخير» هو إعادة لفيلم إيطالي كلاسيكي يحمل العنوان نفسه، وسبق له أن حاز على جائزة أفضل فيلم أجنبي في أوسكار 1989، وكان من بطولة النجم المعروف «مارسيللو ماسترياني» ومن إخراج جوسيبي تورانتوري.

0

الفيلم الأميركي المقتبس، من بطولة روبرت دي نيرو أحد أبرز نجوم هوليوود، ويشاركه البطولة مجموعة من نجوم السينما منهم درو باريمور، كايت بيكينسيل وسام روكويل، ومن إخراج كيرك جونز وهو مخرج بريطاني من مواليد بريستول واشتهر من خلال عمله بالتلفزيون منذ بداية التسعينيات، وسبق له أن قدم للشاشة الفضية الفيلم البريطاني الكوميدي «المربية ماكفي» والذي قامت ببطولته إيما تومسون.

يطرح فيلم «الجميع بخير» قضية موضوعية تحدث باستمرار في المجتمعات المعاصرة عالجها المخرج كيرك جونز من دون عاطفية مبتذلة وبإيقاع حار مليء بالمفاجآت المستمرة وغير المتوقعة، وذلك من خلال شخصية فرانك غودي «روبرت دي نيرو» الذي يكتشف بعد وفاة زوجته أن علاقته بأولاده كانت تتواصل فقط عن طريقها، فيقرر بناء جسور جديدة مع أولاده الذين يعيشون الآن حياتهم الخاصة في أماكن متفرقة بعيدا عنه، ورغم حالته الصحية السيئة والتي لا تتحمل السفر ويحذره طبيبه من ذلك، لكنه يستقل القطار إلى نيويورك بحثا عن ديفيد، الذي لم يتمكن من مقابلته ويرى لوحته في متحف بالجوار فقام بتصويرها، متذكرا كيف كان يدفعه دوما لأن يكون فنان يرسم لوحات تغير مصير البشرية.

وبعد أن يضع له خطاب في بيته يذهب إلي شيكاغو لمقابلة ابنته إيمي «كيت بيكنسيل» والتي تدير وكالة إعلانات ولم يلقى الترحيب الذي توقعه، فيجد أن المعلومات التي يعرفها عنها من أمها أصبحت مشوشة، أبنها المراهق يعامل زوجها بجفاء، علاقتها تحولت إلي مجرد مصالح تستفيد منها، ورغم حرصه على تصوير بيتها وابنها وزوجها وعملها لكنه يشعر بوضع غير مريح، فيترك لها أيضا رسالة بعد أن يبلغها أنه فضل أن يسلمها لها بدلا من أن يرسلها بالبريد.

2

ثم يذهب إلي ابنه  «روبرت ـ سام روكويل» في دنفر آملا أن يجده في حال أفضل، ويمنى نفسه أن يراه قائدا لأوركسترا شهير كما كان يحلم ابنه وهو صغير، وإذا به يفاجأ بأنه لا يعدو عن كونه ضابط إيقاع يضرب على طبله، راضخا لهذا الوضع الذي ليس فيه أي طموح وبعد مشادة كلامية ينسحب تاركا له رسالته على الطبلة، ويسافر إلي لاس فيغاس حيث تعيش أبنته «روزي  ـ درو باريمور» والتي كانت تطمح في أن تكون راقصة مشهورة، وتحاول الظهور أمامه كنجمه تملك شقه فخمة لكنه يكتشف أنها استأجرتها خصيصا له لمدة أيام بعد أن نبهها أخوها روبرت لزيارة والدها، ويكتشف أيضا أن لها طفلا ماتت زوجته دون أن تبلغه عنه شيئا، ويترك لها رسالتها ليصطدم بموت ابنه الرسام ديفيد في المكسيك نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات.

4

يضرب الفيلم على وتر الحنين وينتقل من الماضي للحاضر ومن الواقع للأحلام بأسلوب رشيق، ومن العسير التفرقة بين الوهمي والحقيقي أو الحلم واليقظة أو بين المتخيل والواقع أو ما يدور داخل العقل وخارجه، وهو أمر مقصود بالطبع، ليتشكك الأب في حقيقة أن الأم حاولت أن تجعله في منأى عن هذه المشاكل، ليركز في عمله الشاق حيث يقوم يوميا بطلاء 1600 كيلو من أسلاك التليفونات ليقيها من عوامل التعرية أو أي فساد، لتبقى حافظة للمشاعر والأسرار التي تحملها في تواصل الناس بعضهم ببعض، وتأتي النهاية التي تحمل قدرا من العزاء في رسائل الأب لأبنائه بانتظارهم للاحتفال معه بأعياد الميلاد، فهل يجتمعون هذه المرة بعد أن كانوا يقدمون له من قبل أعذارا واهية وكاذبة، وهل يستطيع أن يرتاح بعد رحلته الطويلة إليهم ويطمئن أن «الجميع بخير»؟!.

5

يحسب للفيلم فضلا عن موضوعه التميز الواضح في التصوير والموسيقى، بحيث يتلاحم كل هذا مع الطبيعة بمفردتها لتشكل صورة جديدة للعين فيها الحيوية وروح الفكاهة والدلالة والرمز، رغم قتامه المكان الذي يعيش فيه الأبناء ويعكس ما آل إلية حالهم، ويحسب إليه أيضا رحلته ضد السائد والنمطي في أفلام الرعب والأكشن ومصاصي الدماء، من خلال تقديمه عملا إنسانيا يعيش في ذاكرة كل من يشاهده.

6

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى