الفيلم الكوري «بذور العنف».. كيف يتحول ضحية الاعتداء إلى معتد؟
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
في إحدى وحدات الجيش الكوري الجنوبي يخلع جندي حذاءه في أقل من 15 ثانية.. يكافئه الضابط الذي يعلوه رتبة ببضع ربتات على ظهره تتحول سريعاً إلى ضربات متلاحقة وعنيفة على ظهره توقعه أرضاً.
يؤسس المخرج الكوري الجنوبي الشاب ليم تاي جيو منذ بداية فيلمه «بذور العنف»، الذي يعرض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، لأجواء متوترة تعكس الحالة المزاجية والنفسية التي يعيشها بطل الفيلم جو يونج فيما يضطر لمواجهة العنف على المستوى المؤسسي والمنزلي.
في بداية الفيلم يبدو جو يونج الذي يلعب دوره الممثل لي جا سوب شابا خجولاً هادئاً، يطيع رؤساءه طاعة عمياء وينفذ كل طلباتهم مهما بدت مبالغاً فيها. رغم ذلك يجد جو يونج نفسه محل استجواب مع زميله المجند فيليب عندما يكشف الضابط الذي يعتدي على من هم أدنى منه في الرتبة أن أحد الجنود تقدم ضده بشكوى سراً.
في الوحدة العسكرية يحاول جو يونج التأقلم مع المهانة الجسدية والنفسية التي يتعرض لها بشكل شبه يومي لكن الأمور تتخذ منحى معقداً عندما يجبره الضابط الذي يعتدي عليه على ضرب زميله فيليب ليحمله على الاعتراف بأنه من قدم الشكوى.
يتعمد المخرج ليم تايجيو ألا يظهر وجه الضابط في مشاهد الاعتداء ويركز بدلاً من ذلك على تعبيرات وجه جو يونج فيجبر المشاهد على أن يرى الضابط من خلال عيني ضحيته في تعبير واضح عن الرفض لهذا النوع من الممارسات داخل المؤسسة العسكرية.
كما يرسخ المخرج لواقعية فيلمه باستخدام أسلوب التصوير بالكاميرا المحمولة على الكتف في كل مشاهد الفيلم تقريباً فتبدو الصورة المهتزة قليلا انعكاسا لشخصية البطل الضعيفة.
لا يمنح المخرج بطله مساحة لالتقاط الأنفاس ففي اليوم الذي من المفترض أن يقضي فيه عطلته يكتشف أن شقيقته تتعرض للضرب من زوجها طبيب الأسنان المرموق.
يتحول الخوف بداخله إلى غضب لاسيما عندما تتواطأ الشقيقة مع زوجها وترفض محاولات شقيقها لمساعدتها لينتهي به الأمر وهو يصفعها على وجهها. في هذه اللحظة لا نرى وجهه.. لقد تحول من ضحية اعتداء إلى معتد.
وهذا هو الفيلم الروائي الأول لمخرجه الشاب حديث التخرج وحصل على الجائزة الكبرى في قسم الأفلام الكورية بمهرجان جيونجو السينمائي في كوريا الجنوبية.
وتستمر الدورة التاسعة والثلاثون من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حتى 30 نوفمبر تشرين الثاني.