سينمائيون يعربون عن إعجابهم بتجربة النوادي السينمائية في المغرب
«سينماتوغراف» ـ متابعات
أكد مدير مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة عز الدين غريكان أن مسؤولي المهرجانات السينمائية بالعديد من الدول الأفريقية يعربون عن إعجابهم بتجربة الجامعة الوطنية للنوادي السينمائية بالمغرب، ويطمحون إلى استنساخها في بلدانهم.
وقال غريكان في تصريح له على هامش فعاليات الدورة السادسة والعشرين من مهرجان الشاشات السوداء السينمائي المقامة حاليا بالعاصمة الكاميرونية ياوندي تحت شعار “السينما: فن شامل”، إن الأندية السينمائية تعد منطلقا أساسيا للنهوض بالسينما في دول القارة باعتبارها فضاء لتكوين النقاد السينمائيين وتأطير عشاق السبنما، مشيرا إلى أن الجامعة الوطنية للأندية السينمائية هي التي كانت وراء إحداث مهرجان السينما الأفريقية بخريبكة.
وقال مؤسس مهرجان الشاشات السوداء الكاميروني باسيك با كوبهيو إن أهمية المهرجانات السينمائية في القارة الأفريقية يأتي من دورها في خدمة قضايا القارة والتعريف بها، مشيرا إلى أن السينما الأفريقية باتت تساهم في تعزيز صورة القارة من خلال إنتاجات وأعمال “من الأفارقة وإلى الأفارقة”.
وأبرز المتحدث الدور الذي يضطلع به المغرب في مجال تعزيز التعاون السينمائي بين دول القارة من خلال احتضان تصوير الأفلام وتقديم الدعم في مرحلة ما بعد الإنتاج، مشيرا في هذا الصدد إلى الدور المتميز الذي يضطلع به المركز السينمائي المغربي لاسيما في عهد الراحل نورالدين الصايل الذي كانت فترة ولايته على رأسه المركز “أفضل الفترات التي عاشتها السينما الأفريقية”.
وشكلت الأندية السينمائية وجامعتها منذ الستينات وعلى امتداد عقدي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بشكل خاص مدرسة للتكوين الثقافي السينمائي الرصين قبل أن تشرع هذه الحركة في التراجع منذ التسعينات من القرن العشرين بسبب تظافر العديد من العوامل الذاتية والموضوعية، لتعود أخيرا إلى التجديد في نشاطاتها، وتتجاوز التحديات المطروحة لتكون رافدا سينمائيا هاما خاصة من باب نشر الوعي بالفن السينمائي.
وساهمت الأندية بتعزيز الثقافة السينمائية في المغرب إذ كانت الأفلام السوفياتية والبولندية والبلغارية والبرازيلية٬ وغيرها من السينمات الوطنية المتميز٬ تجوب أنحاء المغرب٬ سنوات السبعينات والثمانينات من القرن الماضي٬ لتحط الرحال داخل أندية تشتغل بوتيرة أسبوعية منتظمة٬ خارج المراكز الكبرى٬ في جرسيف وغفساي والكارة وزاوية الشيخ وكلميم وتاوريرت وتاهلة وأولاد تايمة.
وكانت الأندية السينمائية تفسح أمام روادها فرصة مشاهدة إبداعات سينمائية أصيلة لا تتاح مشاهدتها بالقاعات التجارية نظرا إلى تهميشها من طرف نظام التوزيع السائد آنذاك٬ وتمكنوا بذلك من مواكبة تطور التيارات والمدارس السينمائية المختلفة والتفاعل مع أحدث المفاهيم والتصورات في صناعة الفيلم.
وتنتشر في الآونة الأخيرة العديد من المهرجانات السينمائية في المغرب، لكل منها ثيمته واهتمامه ودرجة إشعاعه، لكنها تركز على القضايا الراهنة وتشهد حركية جماهيرية كبيرة، علاوة على استقطاب أفلام عالمية مهمة وجدت الأرضية مهيأة خاصة من ناحية الوعي بالسينما.
وينفتح الكثير من هذه المهرجانات على قضايا القارة الأفريقية تأكيدا على الانتماء الأفريقي للمغرب، واطلاعا على تجارب أفريقية هامة في السينما العالمية، إذ تعتبر أفريقيا رافدا فنيا وثقافيا هاما في العالم.
وتحتفي الكثير من التظاهرات السينمائية المغربية بسينما القارة السمراء، وآخرها الدورة الخامسة عشرة للمهرجان الدولي لفيلم المرأة التي نظمتها جمعية أبي رقراق في الفترة الماضية، والتي احتفت بالسينما الأفريقية من خلال تكريس جانب كبير من عروضها للنبش في قضايا المرأة الأفريقية، دلالة على تجذر المغرب في عمقه الأفريقي والتزامه بالقضايا المشتركة للقارة السمراء.
كما ينتظم سنويا المهرجان الدولي للسينما الأفريقية في مدينة خريبكة المغربية، وقد صارت هذه التظاهرة مع تراكم دوراتها لسنوات تشكل موعدا لا محيد عنه للاحتفاء بالسينما الأفريقية ومناقشة قضايا القارة من خلال الفن والثقافة.
وتساهم الأندية في التحفيز على دخول عوالم السينما وهو ما أدى إلى ظهور وعي مختلف نقديا وفنيا وحتى ذوقيا لدى الكثير من المغاربة للانفتاح على قضايا ومواضيع جديدة.
ويرى سينمائيون مغاربة أن حركية الأندية وإن كانت اختلّت لأسباب عديدة فإن محاولات التجديد الآن وفي المستقبل لا بد من دعمها إذ لا تعد هذه النوادي ضرورة ثقافية فحسب بل ضرورة تاريخية تقتضي تجديد عملها وفق احتياجات الحاضر والمستقبل.