المهرجاناتالمهرجانات العربيةمؤتمرات صحفيةمهرجان القاهرةمهرجانات
فرانشسكو دى باس: النقاد يستخدمون اللغة القديمة دون تجديد
في ندوة دور النقد السينمائي ضمن فعاليات أسبوع النقاد بمهرجان القاهرة
فرانشسكو دى باس: النقاد يستخدمون اللغة القديمة دون تجديد
لا في المفردات ولا في الأفكار
“سينماتوغراف” ـ رشا حسني، تصوير: منال الليثي
أقامت أمس جمعية النقاد المصريين ضمن فعاليات برنامج أسبوع النقاد ندوة حول دور النقد السينمائي في العملية الفنية وأهم مقومات الناقد الناجح بحضور الناقد الإيطالي “فرانشسكو دى باس” مدير أسبوع النقاد بمهرجان فينيسا، الناقد أحمد حسونة مدير برنامج أسبوع النقاد بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي وكلاً من النقاد محمد الروبي، رامي عبد الرازق، فتحي أمين وأدار الندوة الناقد أحمد شوقي.
إفتتح شوقي الندوة بالتعريف بنشاط جمعية النقاد في الفترة القادمة خاصة ورشة النقد التي تنظمها جمعية النقاد.
فيما تحدث فرانشسكو دى باس عن أهم التحديات التي يواجهها الناقد السينمائي هذه الأيام موجزاً أيها في عدة نقاط منها أن النقد السينمائي لا يعتبر مهنة تُدر دخلاً علي من يمتهنها وهو ما يجعل الكثيرين يتجهوا للكتابة عن انطباعاتهم فقط عن الأفلام لا محاولة تحليل وتدقيق العمل السينمائي. إلي جانب أن شيوع الكتابة عبر الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي جعلت مهمة الناقد من أصعب ما يكون فلابد له من البحث والدراسة والتدقيق كي يصل للقارئ. وعلق أيضاً أن من أهم المشكلات التي تجعل القراء يعزفون عن قراءة النقد السينمائي الآن أن النقاد لا زالوا يستخدمون اللغة القديمة دون تجديد لا في المفردات ولا في الأفكار.
هذا فيما استهل أحمد حسونة مدير أسبوع النقاد بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كلامه بأنه في البداية يجد مشكلة في مصطلح “الناقد سينمائي” أصلا فهو يوحي بشئ من التعالي وهو ما لا يقبله أو يرتضيه خصوصاً وأنه مخرج أيضاً ولا يقبل أن يتعالي أحد علي ما يقدمه من أعمال فنية، بالإضافة إلي أنه وإن كان يقصد البعض به هذا المعني فهو غير دقيق علي الإطلاق. فليس مهمة الناقد هي التركيز علي الأخطاء بقدر محاولة فهم فكرة الفيلم وأستدل علي ذلك بمقولة المخرج الفرنسي الشهير جان لوك جودار “نحن نري الأفلام كما صنعها مبدعيها لا كما نفهما نحن”.
وأوضح أن أهم شئ في الناقد من وجهة نظره أن يكون مشاهدا جيدا للأفلام قبل أن يكون قارئا جيدا للكتب لأن القراءة قبل المشاهد تجعل الناقد ينقد الفيلم بشكل ميكانيكي وغير طبيعي. أوضح أن فكرة عدم الحكم علي الأشياء أكثر مناسبة للوقت الحالي خصوصاً بعد الثورة فكل شخص يعبر عن رأيه كما يراه، فالأجيال القديمة في مهنة النقد لم تكن تستطع فرض فكر فيلينى أو انتقاده أما شباب النقاد فلديهم مساحة رفض وانتقاد كبيرة لم تتوفر لمن سبقهم لذلك يجب علي الناقد أن يكتب رؤيته وكيف رأي هو الفيلم أكثر من تعبيره عن كيف بني المخرج رؤيته وفيلمه.
ثم أضاف أن مجال النقد لا يُعيل شخصاً ولا يُدر مكاسب مادية علي من يمتهن تلك المهنة ولكن أصبح هناك عدة أشياء قد تساعد الناقد علي كسب عيشه مثل برمجة المهرجانات والقنوات التلفزيونية. واستطرد حسونة قائلاً بأن مهنة الناقد لها جزء إنساني أكثر من كثير من المهن الأخري.
فيما علق الناقد أحمد شوقي علي ما قاله حسونة حول نقطة أن مهنة النقد لا تُدر دخلاً علي من يمتهنها قائلاً أن الإجابة علي تساؤل كيف تعيش من كونك ناقداً إشكالية ولكن الهم بالنسبة لي أنه لماذا أمتهن أنا شخصياً هذه المهنة وما الذي يجعل شخص ما يختار أن يكون ناقداً فنياً:
1- أني اكتب عن الأفلام كي أفهم الأفلام أكثر 99% من حبي للفيلم تبدأ عند الكتابة عنه.
2- يأتي بعد ذلك دوري في نقل المعلومة للقارئ وربط الفيلم بالعالم المعاصر سياسياً أو اجتماعيا، وإذا لم أحاول إرفاق كل رأي أذكره بدليل من الفيلم ستصبح هناك مشكلة.
ثم استهل الناقد محمد الروبي كلامه بتوجيه الشكر للناقد والمخرج أحمد حسونة علي إدارته لإسبوع النقاد وايضا وجه الشكر للناقد أحمد شوقي علي فكرة ورشة النقد وفكرة الندوة. واستطرد قائلاً “أنا لا أستطيع أن أقول لأحد كيف تصبح ناقداً ولكني أستطيع أن أقول كيف أصبحت أنا ناقداً وعلي عكس ما قيل أنني ومنذ البداية كنت أود أن أكون ناقداً ولكن انصياعا لرغبة أهلي درست الهندسة وعملت بها سنة ثم قررت دراسة النقد السينمائي بأكاديمية الفنون وامتهان النقد السينمائي. وأكد الروبي مراراً علي أن الناقد لابد وأن يكون موهوباً أولاً فالموهبة هي أساس لهذه المهنة فإذا لا تمتلك هذه الموهبة فلن تصبح ناقداً جيداً مهما درست وقرأت، ولكن لأنك موهوب ستكتشف أنك بحاجة للقراءة والدراسة وليس العكس.
عبر الروبي عن رفضه لبعض الجمل منذ بداية عمله بالنقد السينمائي منها أن الناقد حكم وأنه جسراً بين المبدع والمتلقي وأوضح أن هذه الجمل هي جمل خاطئة إلي حد الخطيئة وكان وظيفة الناقد أن يُفهم المتلقي ما لم يستطع إفهامه إياه المبدع، فالناقد ليس حكما ولا جسراً إنما هو قارئ جيد للإبداع يستمتع بما يفعله أنه يحبه وموهوب فيه.
ثم أضاف أنه لابد علي كل ناقد أن يعرف مبادئ العملية الفنية فكيف يحكم علي أداء ممثل وهو لا يعرف أبجديات فن التمثيل وغيرها من العمليات الفنية، فإذا أراد الناقد أن يكون ناقداً جيداً عليه أن يتعلم آليات العمل السينمائي، مختتما الروبي كلماته بأن مهنة النقد مهنة صعبة كأي فرع من فروع الفنون لكن بالموهوبة والقراءة تُصبح مهنة ممتعة.
بدأ الناقد رامي عبد الرازق حديثه بسعادته البالغة علي كم الحضور الذي لم يكن يتوقعه خاصة مع موضوع الندوة الذي يبدو غير جاذباً للكثيرين، واستطرد حديثه قائلاً أن هناك نوعين من الموهبة مما يجعلها معضلة أساسية في التكوين خصوصاً في البدايات ولكنها تتبدد حينما أشاهد الفيلم وأشعر بأن لدي ما يمكن أن أقوله عن هذا الفيلم.
فالموهبة سواءاً كانت كتابة أو نقد أو رسم هي إحتياج غريزي لممارستها وهو تحديداً ما يبدأ رسم ملامح الناقد وتكوين شخصيته وأري أن مهمة الناقد أن يقترح إجابات للأسئلة التي يطرحها المبدع من خلال عمله الفني كما قال سارتر أن النقد هو لقاء بين حرية المبدع وحرية الناقد للوصول لحرية المتلقي، ففي النهاية نحن نعتبر أنفسنا مقترحين إجابات عن أسئلة حاول مبدع الفيلم أن يطرحها.
استدل عبد الرازق علي ما قاله بمقولة الناقد الراحل سامي السلاموني بأن الناقد هو مشاهد عادي يُضاف إليه أشياء أخري، بالإضافة إلي ما يُصعب مهمة الناقد في بلد مثل مصر هي حالة الأمية الدرامية والسينمائية لأنه يجب أن يشرح أولاً ثم يحلل لماذا رأيه سلبي أو إيجابي.
كما استطرد قائلاً بأن النقد هو ممارسة تراكمية تتعلق بكم الخبرات والمشاهدات والقراءات، فالناقد النجم ليس هو الناقد المشهور ولكنه الناقد صاحب المنهج والرؤية فليس كل ناقد يصُلح لمخاطبة كل نوعيات الجمهور ولكن بداخل كل ناقد بوصلة تدل علي الجمهور الذي يريد مخاطبته، معلقاً علي أن غايته هو الشخصية من خلال عملية النقد السينمائي تربية ذائقة فنية لدي شريحة عريضة من الجمهور.
إختتم عبد الرازق كلماته بأنه لا يتفق مع نظرية موت المؤلف فحتي لو مات كل النقاد فسيظهر فئة من الناس تطالب بوجود النقاد فأنا أؤمن بنظرية أن عدم وجود الشئ هو الباعث الرئيسي للبحث عنه.
وكان أخر المتحدثين بالندوة هو الناقد فتحي أمين وقال أن مهمة الناقد في هذه الأيام ليست كتابة رأي معين ولكن زاويته للسينما يجب أن تكون أوسع من ذلك ومهمته الأساسية هي أن يرفض سيادة نوع وعليه أن يُعيد التفكير في المسارات التي تم التسليم بها علي أنها واقع، فالناقد ليس مجرد شخص محايد بل هو أقرب للمبدع أو الفنان منه للعالم.