Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مراجعات فيلمية

مراجعة «وداعاً جوليا» : دراما سودانية تتخطى حواجز الانفصال والعنصرية

كان (فرنسا) ـ خاص «سينماتوغراف»

«وداعاً جوليا» للمخرج محمد كردفاني دراما تستكشف القضايا المعقدة للعنصرية والتمييز والانفصال، تدور أحداث أول فيلم سوداني يعرض بمهرجان كان السينمائي الـ 76، وينافس ضمن مسابقة «نظرة ما»، في مدينة الخرطوم عاصمة السودان عام 2005 بعد انتهاء حرب أهلية، حيث تدور القصة حول منى (إيمان يوسف)، وهي امرأة تصدم طفل بسيارتها عن طريق الخطأ، ثم تتورط في سلسلة أحداث تؤدي إلى مأساة.

يبدأ الفيلم بأصوات طلقات نارية وصراخ، ليوضح مظاهر العنف التي تتخلل كل تفاعل في الخرطوم. المدينة مقسمة بين الشمال والجنوب، والعنصرية متفشية، وعندما تصدم منى الطفل، يتبعها أبوه سانتينو على دراجة نارية ويطلب منها التوقف، ولكن عندما تصل أخيرًا إلى منزلها، يطلق زوجها أكرم (نزار جمعة) النار على الأب ميتًا خوفًا من الجنوبيين الذين يشير إليهم بأنهم متوحشون وعبيد.

تشعر منى بالذنب وتقرر العثور على عائلة سانتينو للتكفير عما حدث، تبحث عن أرملة سانتينو، جوليا (سيران رياك)، وتقدم لها وظيفة كخادمة تعيش في المنزل، وتعرض منى أيضًا دفع رسوم لابن جوليا الذي نجا من الحادث، داني (الذي لعبه لويس دانيال دينج أولاً، ثم ستيفانوس جيمس بيتر) للذهاب إلى المدرسة، لكن عندما بدأت أكاذيب منى تتفكك، تتشاجر هي وزوجها أكرم بشكل أكثر حدة حول وجهات نظرهما المختلفة عن العنصرية والتمييز.

يوازن إخراج كردفاني بين أوضاع الفيلم الدرامية المتعددة، مع ظلال من الإثارة والشعور بالسياسة الخاصة به، وينتقل بهدوء وسلاسه من مشهد إلى آخر، باستثناء قفزة لمرة واحدة تجلب السرد من 2005 إلى 2010، حيث يقدم كردفاني للمشاهدين إحساسًا بالكوارث الكبرى والأوقات الهادئة في حياة منى وجوليا.

تتشابك مشاهد «وداعاً جوليا» معًا من خلال الشبكة الدقيقة لمشاعر وأفعال منى المتناقضة، والتي تتأرجح بين الكذب وحسن النية، ويربط كردفاني المشاهدين بمنى من خلال الاستخدام السخي للصور المقربة، لتكشف عن عمق أسفها الشديد وعزمها على التكفير عما تسببت فيه، وتعامل «إيمان يوسف» مع متطلبات مجموعة مشاعر شخصيتها المتناقضة في العمل بثقة.

يحاول الفيلم مواجهة الانفصال والتمييز الذي يواجهه سكان جنوب السودان، ويتجول كردفاني لكسر تلك الواجهة المثالية قرب نهاية الفيلم، والتي لا تُرسم بالشكل المتوقع، حيث لا يوجد لحسن الحظ مغفرة قسرية أو تجنب للغضب، لكن ما يحدث يجعلك تتمنى قضاء وقتًا أطول مع (جوليا وابنها داني)؛ ربما تكون لحظات الهدوء بين الأم والابن قد عززت الإحساس بهم كأفراد لديهم رغباتهم ودوافعهم الخاصة.

هذه الأحداث، المستوحاة من نشأة كردفاني، تصارع العنصرية والتوترات الدينية وكراهية الأجانب وما يعنيه بناء هوية سودانية وطنية في مواجهة كل ذلك، وفي مقابلاته الأخيرة، أشار المخرج إلى طفولته – على وجه التحديد، نشأته مع أشخاص من المنطقة الجنوبية في السودان كعاملات منازل داخل منزله – كمصدر إلهام. ويتضح هذا في الطريقة التي يتعامل بها مع العلاقات المتغيرة بين منى وجوليا وداني وأكرم، والتي تزيد من الوهج الرومانسي ضمن مشاهد الفيلم.

«وداعا جوليا» جعل القضايا السودانية تنبض بالحياة، ليتعرف عليها الجمهور من جميع أنحاء العالم، توازن من خلاله محمد كردفاني بأسلوب كلاسيكي سهل الوصول إليه واستيعابه، يدعو إلى النظر في الإنسان بعيداً من دينه، ومما لاشك فيه أن هذا الفيلم سيحشد بالتأكيد لمزيد من الدعم للسينما في السودان، وهي دولة مليئة بالقصص التي يجب إخبارها عن ماضيها وحاضرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى