نظرة أولى : Glass Onion جزء ثانٍ أكثر جرأة وإضحاكاً
لندن ـ خاص «سينماتوغراف»
يعود المخرج «ريان جونسون» للسلسلة التي أبدع في إخراجها، بجزء ثاني أكبر ثراء وروعة حاملاً مفاجآت أكثر، حيث شهد فيلمه Glass Onion: A Knives Out Mystery (الذي كان عرضه العالمي الأول في تورنتو السينمائي الـ47، وعرض بالأمس في ختام لندن السينمائي الـ66)، عودة جونسون لحل الجرائم، والتي يمزج فيها بين الاستعارات الكلاسيكية والتعليقات العصرية وحس الفكاهة.
يقدم «دانيال كريغ» أداءً يمكن القول أنه الأفضل خلال مسيرته المهنية حتى الآن، حيث يتعمق في جعل «بينوا بلان» شخصية مقنعة ومعقدة تنتمي إلى مشاهير المحققين، وبشكل مشابه، يستحق فيلم Glass Onion أن يُقارن بالأعمال المتميزة من هذا النوع، حيث يستبدل الأسلوب الهادئ الذي اتسم به الفيلم الأصلي بأسلوب أكثر إضحاكاً وغضباً وتعقيداً في الجزء الثاني.
ومثلما تميل أفضل أعمال «أغاثا كريستي» للتعليق على القضايا الاجتماعية المعاصرة، وعرض نماذج لأشخاص كانوا بارزين في ذاك الوقت، يهدف «جونسون» إلى استخدام نفس الصيغة مع فيلمه الجديد، معتمداً التباين الاقتصادي والحرب الطبقية، وفي نفس الوقت يستهدف الأشخاص الأثرياء بشكل مبالغ به لدرجة كوميدية، والذين يتمتعون بقدر كبير من القوة.
يقدم Glass Onion نماذج شخصيات تضم مرشحة لمجلس الشيوخ (كاثرين هان)، وعارضة الأزياء الجاهلة التي تحولت لمصممة أزياء ولا تستطيع التوقف عن نشر تغريدات عنصرية (كيت هادسون)، وناشط في مجال حقوق الرجال وستريمر عبر تويتش (ديف باتيستا)، وعالم يعمل في شركة تكنولوجيا عملاقة (ليزلي أودوم جونيور)، والملياردير غريب الأطوار (إدوارد نورتون). ولدينا أيضاً (جانيل موناي) بدور شريكة تجارية سابقة للملياردير، وهي امرأة هادئة تعرضت لظلم جسيم.
يتبع Glass Onion قصة هذه المجموعة من الأثرياء الحمقى في حبكة مستوحاة من فيلم «آخر شيلا» الكلاسيكي الشهير، حيث تتم دعوتهم إلى جزيرة خاصة لحضور حفل جريمة قتل غامضة، وينتهي الأمر بالوقوع في حالة من الفوضى عند حدوث هذه الجريمة، ولحسن الحظ هناك ضيف آخر في الحفلة، المحقق المحترم «بينوا بلان» (دانيال كريغ)، وهو الوحيد القادر على حل القضية.
في حين قدم أول فيلم Knives Out بعض التعليقات اللاذعة حول الهجرة والحرب الطبقية، إلا أن جونسون يبدو في Glass Onion وكأنه غير مقيد ويشعر بالحرية في التعليق علي بعض المواضيع الصعبة حقاً. يركز الفيلم على المدى الذي يسمح به الناس للمال بالسيطرة على حياتهم، وإلى أي مدى نغض النظر عندما يكون الأمر مناسباً لنا، وكيف يمكن أن يدفعنا ذلك إلى خيانة أنفسنا والآخرين، ويستعرض إلى جانب ذلك أن الثروة الضخمة لا تجعل المرء مميزاً، أو حتى ذكياً.
قد تبدو مواضيع الفيلم وطريقة معالجة السيناريو لها شعبية للغاية ومأخوذة من تويتر في بعض الأحيان، لكنها تنجح، خاصة عندما يحول جونسون لحظاته المؤثرة إلى نكات مرحة، ويقدم الفيلم هذه المرة الكوميديا بشكل أوسع قليلاً، مع نكات أكثر ذات تأثير أكبر.
ولتسليط الضوء على مسألة الثروة والبذخ، يستغل Glass Onion أموال «نتفليكس» بشكل رائع لإحداث أقصى تأثير، حيث قاموا بجعل مواقع التصوير فاخرة وباذخة لدرجة تثير الاشمئزاز. مثل جسر جليدي من تصميم بانكسي يرتفع من الماء، وخادم آلي، وبصل زجاجي عملاق، وحبكة كاملة تتضمن الموناليزا.
جمع جونسون طاقم ممثلين رائع لفيلم Glass Onion مثلما فعل بالفيلم الأول. تختطف «موناي” الأضواء بدور «آندي»، في حين تتألق «هادسون» في كل مشهد تظهر فيه مع توقيتها الكوميدي الممتاز وطريقة تأدية عباراتها. ثم هناك «بلان» نفسه، حيث يتعمق «كريغ» بالشخصية ومهاراته الضعيفة في لعب Among Us، وهوسه ودوافعه..
إن Glass Onion: A Knives Out Mystery هو جزء ثانٍ أكبر وأكثر جرأة وإضحاكاً وغضباً يقوم بتحسين جميع الأوجه تقريباً لجزئه الأول، ويقدم فيه ريان جونسون سيناريو محكماً يستهدف عبثية وغباء طبقة الـ 1% من الأثرياء، وفي نفس الوقت لغز جريمة قتل على أفخم جزيرة خاصة لا يملكها شرير من أفلام جيمس بوند.