«120 دقيقة» فيلم يوثق بطولات سوريين في مواجهة داعش
دمشق ـ «سينماتوغراف»
يرصد الفيلم الوثائقي “120 دقيقة”، الذي أنتج منذ أربع سنوات وأعادت هيئة قصور الثقافة في سوريا عرضه مؤخراً، معارك قرى الريف الشرقي وملاحم بطولة السكان وتضحيتهم ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وفي 25 دقيقة، وعبر شهادات حية ومشاهد حقيقية، يسلط الفيلم (سبق عرضه لأول مرة عام 2019، وهو من سيناريو وحوار هزار نصار وإخراج شريف فراشي وإنتاج مجموعة غرز الدين) الضوء على ما تعرض له الأهالي الآمنون في عدد من القرى من عمليات تعذيب تعد من أبشع أنواع الترهيب والإجرام، كما يعرض مواقف البطولة والرجولة والمقاومة التي جسدها الأهالي من جميع المناطق في الدفاع عن الأرض والعرض لدحر هجوم إرهابيي تنظيم داعش.
ويقدم الفيلم حوالي 100 شهادة حية في 25 دقيقة على أحداث عاشها سكان تسع قرى تابعة لمحافظة السويداء الواقعة في الجنوب الشرقي السوري، وهي “رامي والشبكي والشريحي والغيظة والعجيلات وطربا والكسيب ودوما وعراجي”، والتي راح ضحيتها 250 سوريا من المدنيين العزل وأسفرت عن مقتل 183 داعشيّا.
ويقدم الفيلم لقاءات مع الأهالي والجرحى وأسر الشهداء الذين تعرضوا لأبشع أنواع الترهيب، ودمج هذه الشهادات في مشاهد حقيقية من المعارك ضد داعش، والتي شارك فيها أهالي القرى من رجال ونساء ومن ساندهم من القرى المجاورة، بالإضافة إلى الجيش السوري، وذلك في سبيل إعادة الأمن إلى ربوع ريف السويداء، ليقدم الفيلم بذلك وثيقة تسجيلية ستبقى راسخة في ذاكرة الأجيال المقبلة.
وأشار مخرج الفيلم شريف فراشي إلى أن العمل رغم إنتاجه بمعدات تقنية بسيطة فإنهم حاولوا من خلاله تقديم وثيقة تحكي أحداثاً مؤلمة وبطولات استثنائية لحماية الأرض والعرض.
وتحوَّل ريف السويداء الشرقي في الجنوب السوري عام 2018 إلى مسرح صراع بين قوات النظام من جهة وبين مسلحين تابعين لتنظيم داعش من جهة أخرى، في محاولة من هذه القوات لسحق التنظيم في جيب جغرافي مقلق لمحافظة السويداء التي كانت ضحية صدمة كبرى جراء “مجزرة الأربعاء الدامي” التي تحولت إلى فيلم “120 دقيقة”.
وركز الفيلم التسجيلي على سرد الأحداث الدموية وتوضيح مدى بشاعتها، عبر سرد وقائع حقيقية وشهادات حية لبعض أهالي قرى السويداء، لكنه استذكر أيضا مشاهد حقيقية نقلتها عدسات كاميرا المراسلين الصحافيين ووسائل الإعلام المحلية والدولية وأيضا كاميرات الهواتف التي بثت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لا تنسى.
لكن الغرض الأساسي من الفيلم هو إظهار ردة الفعل غير المتوقعة التي صدرت من الأهالي؛ فحين توقع منهم الجميع الفرار أو الاختباء خوفا من تنظيم إرهابي يكاد يحكم قبضته على المدينة، أظهر أغلبهم شجاعة لا نظير لها في الذود عن وطنهم ونسائهم ومنازلهم، ونزلوا لصدّ تمدد التنظيم رغم الخسارة البشرية التي تكبدوها.
ورغم ذلك يواجه الفيلم، شأنه في ذلك شأن العشرات من الأعمال الموزعة بين السينما والدراما في سوريا، اتهامات بأنه من الأعمال الفنية التي صبت جام غضبها على تنظيم الدولة الإسلامية فكانت متحيزة لتجسيد إرهاب التنظيم، لتغض النظر عن تجاوزات نظام الأسد وحلفائه.
وتجدر الإشارة إلى أن السينما التسجيلية شهدت، ولا تزال تشهد، نشاطا غير مسبوق في الدول العربية وليس في سوريا فحسب، حيث تعدّ المنطقة ساخنة بالكثير من الأحداث والتغيرات المتسارعة التي جعلتها مادة لأعمال تسجيلية تتبع أثر الأزمات والحروب والنزاعات على البشر. ومن أبرز المواضيع التي صورت بكثرة خلال السنوات الخمس الماضية التنظيمات الإرهابية والجهادية والأوضاع الاقتصادية الحرجة.