احتفاء بالرجل الذي أحصى السنين وأخرج «المومياء»
القاهرة ـ «سينماتوغراف»
نظم المتحف القومي للحضارة في القاهرة، احتفالًا بسيرة وعطاء وإبداع المخرج والمعمارى والرسام ومصمم الملابس ومهندس الديكور الراحل، شادى عبدالسلام.
قال الدكتور أحمد غنيم، الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، إن الاحتفال يأتي ضمن مبادرة جديدة تقدم بها عدد من المبدعين تحمل اسم السينما والحضارة، وقد اتفق الجميع على أن مبادرة كتلك لا يمكن أن تبدأ إلا بعمل مثل المومياء، إذ إن الفيلم وصاحبه يمثلان ذروة في تجسيد القيم الحضارية الكامنة في تكوين وضمير وعقل المصريين.
وأشار أحد الحاضرين إلى أن اسم الفيلم هو «المومياء يوم أن تحصى السنين» وتم إنتاجه عام 1969 .
وأكد أن «شادى» توفي وهو قلق من الاسم، لأنه يفترض أن تكتب الكلمة «السنون» وليس السنين.
وقالت المونتيرة رحمة منتصر إن الراحل «فنان مختلف تمامًا عن غيره في مصر وخارج مصر، وقد عملت معه في كل شغله ما عدا فيلم واحد كنت مريضة وقت تنفيذه»، مضيفة: «شادي علمنا كيف نسمع الموسيقى ونذهب إلى معرض الكتاب ونتذوق الفنون، وعندما رحل ظللت أعواما لا أريد أن أعمل ولا أعرف كيف أعمل مع غيره لأنه عودنا على نظرة مغايرة للسينما ولم يكن سهلا أن نجد من يتبنى قيمه وجديته واهتمامه المفرط».
وقال مهندس الديكور أنسى أبوسيف، إن الحديث عن شادى في دقائق يشبه أن يطلب منك أحد أن تضع البحر في كوب.
وإذا كان فيلم واحد طويل أخرجه أي المومياء أحدث ولايزال يحدث كل هذا الأثر وأصبح هو ومخرجه الأهم بين مائة فيلم في تاريخ السينما العالمية، فما بالنا لو امتد به العمر وأكمل أحلامه، مؤكدا أن شادى له أفضال على الجيل كله، وتاريخه مرتبط بمصر فهو أظهر مصر الحقيقية وجوهرها الحضارى وهذا إنجاز عظيم.
وقال متحدث آخر من مساعديه، إن «شادي» درس قصة المومياوات جيدا وكيف حفظها المصريون، رغم عوادي الزمن ورأى فيها خلود مصر.
أما الدكتور محمود مبروك، فقد قال إنه «عمل مع شادي متطوعا لمدة عشر سنوات وأدرك من أول لحظة أن هذه الشخصية لم توجد صدفة. وأن عنده منهج ورسالة لحياته وفنه وكان يعمل 12 ساعة يوميا دون أن يتبادل كلمة أحيانا مع المحيطين من شدة انخراطه في العمل وكان إذا ذهب إلى المتحف في ميدان التحرير للتحضير للعمل يرى التماثيل كأنه يحييها ولذا ففنه يمثل أعلى مستوى فنى للحضارة المصرية والضمير المصري».
وأضاف: «فريق العمل كان يعمل في تناغم يليق بمهابة الرسالة التي يود شادى أن نؤديها، كل تفصيلية لديه مدروسة إلى حد انك متقدرش تشيل حباية من كوليه ملكة قام بتصميمه اسكتشاته المسبقة للمشاهد لا تصدق، وكنت أقول إن من المستحيل تنفيذها، لكنه فعل وكادراته محسوبة بالمليمتر».
وذكر مصور الفوتغرافيا الكبير، الحاج محمد بكر، أنه «صور كل رسومات وتصميمات شادى وأعماله وأنه تعلم منه التخطيط المحكم لكل ما يقوم به وكيفية خلق مناخ عمل ملىء بالحماس والود والجدية».
من جانبه، كشف الدكتور المؤرخ ماجد فرج، وهو صاحب فكرة المبادرة، أنه عمل 5 سنوات مع شادى كمتطوع أيضا ولما ضاقت عليه سبل العيش تركه وفتح شركة فعاتبه شادى بالقول: «أنا علمتك 5 سنين حاجات مش هتلاقيها عند أي حد وفى الآخر تشتغل تاجر»، فرد ماجد أن الفنان أيضا يأكل ويشرب ويحتاج المال، فنصحه شادى بأنه إذا لم يكن مفر من التجارة فلتتاجر في الألماظ أي ما له قيمة ولا تتاجر في التراب.
استمرت الفعالية 3 ساعات، عُرضَ خلالها فيلم «المومياء» كاملًا، وفيلم قصير عن «شادى»، بالإضافة إلى مشاهد تبين روعة تصميمات التي كان قد يعدها لفيلمه التالي «إخناتون»، لكنه مات دون أن ينجزه.
الطريف أن ماجد فرج، قال إن شادى كان قد اختار محمد صبحي لبطولة «إخناتون»، وصمم الملابس والتاج والصولجان على هذا الأساس، لكنه لما رأى مسرحية «انتهى الدرس يا غبى» غيّر رأيه في صبحي، وعاد لاختيار أحمد مرعى للدور.