نعمة الله حسين تكتب من الجزائر لـ «سينما توغراف»
لاتزال وفاة الرئيس الجزائرى الأسبق هوارى بومدين تثير كثيرا من التساؤلات، ولازال الجزائريين يبحثون ويفتشون عن تفسير لحادث وفاته، وقد كان اهتمامهم وراء فوز الفيلم الجزائرى “هوارى بومدين .. ثائر يبنى وطن “بجائزة الجمهور فى مهرجان “أيام السينما الجزائرية” الذى انتهت دورته السابعة قبل أيام وحققت نجاحا كبيرا وقد حرصت وزيرة الثقافة الجزائرية “نادية العبيدى” على حضورها لتؤكد على دعم الدولة الكامل للسينما وشباب السينمائيين، أقيم المهرجان برئاسة الناقد الكبير سليم أفار بجريدة الاكسبريس وجمعية “لنا الشاشات” وخلال الدورة الفائتة عرض نحو ثلاثة وأربعين فيلما فى المسابقة الرسمية والتى تضم قسما للأفلام الروائية الطويلة ، وآخر للأفلام الوثائقية وثالث للأفلام المحلية.
ويأتى فيلم هوارى بومدين للمخرج فتحى جوادى وهو انتاج مشترك بين الجزائر وتونس وقطر بمثابة وثيقة تاريخية عن حياة الثائر والعسكرى الرئيس هوارى بومدين وإسمه الأصلى محمد ابراهيم بوقروبة والذى رحل عن عمر يناهز 46 سنة وذلك فى السابع والعشرين من ديسمبر1978.
وكان بومدين قد تولى الحكم بعد الانقلاب الذى قام به مع طاهر زبيرى ومجموعة وجدة على بن بيلا وأطاحوا به، وقد تعمد المخرج أن يبتعد عن حياة بومدين الشخصية ولم يتعرض سوى ما يخص السياسة وشئون الدولة الداخلية عسكريا واقتصاديا ، وإن ركز أيضا على علاقاته الخارجية العربية والعالمية .. وقد كشف الفيلم عن جوانب مهمة فى حياة بومدين ففى أحد مشاهد الفيلم وعندما مرض بومدين مرضا شديدا احتار الأطباء في علاجه وذهب الى روسيا للعلاج وزاره شقيقه مع وزير الخارجية فى ذلك الوقت عبد العزيز بوتفليقة فسأل بومدين عمن دفع ثمن تذكرة سفر شقيقه فلما أجاب بأنها الرئاسة غضب بشدة وطالبه بأن يرد ثمنها من مرتبه فور عودته، والمعروف أن بومدين عاش حياة متقشفة للغاية، وكان يحلم ببناء دولة حديثة قوية لكن القدر لم يمهله طويلاوليس سرا بأنه قتل بنفس السم الذى قتل به ياسر عرفات فيما بعد، فقد كانت أعراض وفاتهما واحدة ، وقد أيد هذا الأمر كثيرين من قبل، لكن تظل شهادة وزير شئون الرئاسة والخارجية الجزائرى “حامد الحيودى” من أقوى الشهادات وقد كان من أقرب المقربين لبومدين.
وقد أبرز الفيلم خفايا علاقة بومدين وبن بيلا، وكيف أن الأول ومجموعته هم من دفع بن بيللا ليكون أول رئيس جمهورية بالانتخاب، لكن سرعان ماخاب أملهم فيه بسبب انفراده بالقرار.
وسوف يذكر التاريخ أن بومدين هو من أقام نهضة الجزائر فاهتم بالزراعة والصناعة والثقافة بشكل خاص فقد كان يسعى دوما من أجل رقى بلاده ولم يتخاذل يوما عن دعم القضية الفلسطينية فكان يقول ” ندعم فلسطين، ظالمة أو مظلومة ” ، وطيلة حياته لم ينسى أبدا موقف مصر الداعم لثورة الجزائر ففى أكتوبر1973 ومع اندلاع الحرب طار الى روسيا وقام بدفع كل المبالغ التى طلبوها ثمنا لمعدات عسكرية كانت تحتاجها مصر، كما أرسل الفرقة الثامنة لتحارب جنبا الى جنب مع الجيش المصرى، رحم الله بومدين أول رئيس من العالم الثالث يتحدث فى الأمم المتحدة عن نظام دولى جديد .
ومن أشهر أقواله ” إن الدول لاتزول بزوال الأفراد والحكومات فكلنا نبنى الجزائر من أجل غد أفضل لأبناءنا، وكل الشكر للمخرج فتحى الجوادى على الجهد والبحث المبذول فى هذا الفيلم الذى استحق بجدارة جائزة الجمهور.
